للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الرابع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حذر من التهاون في اللمم وصغار الذنوب، وسماها (محقرات الذنوب).]

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا عائشة إياك ومحقرات الأعمال، فإن لها من الله طالبًا. (١)

قال السندي: قوله: "فإن لها من الله طالبًا" أي: فإن لها ملكًا يسألك مجئ من الله تعالى، كالمنكر والنكير في القبر مثلًا (٢).

وعن عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ، وَإِنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ضَرَبَ لهُنَّ مَثَلًا كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلَاةٍ فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ فَيَجِيءُ بِالْعُودِ وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا فَأَجَّجُوا نَارًا وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا (٣).

قال السندي: قوله: "ومحقرات الذنوب" بفتح القاف المشددة أي: صغائرها، "يهلكنه": إما لأن اعتيادها يؤدي إلى ارتكاب الكبائر من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه فيكون الهلاك بالكبائر التي تؤدي إليها الصغائر، وإما لأن تكفير الصغائر عند ارتكاب الكبائر جائز لا واجب كما ذكر كثير من أهل العلم، إما لأن اعتيادها يؤدي إلى قلة المبالاة بها، أو يوجب الهلاك، وإما الإصرار على الصغيرة كبيرة وهو محمل الحديث، والأقرب أن الحديث يدل على أن الإصرار على نوع الصغيرة أيضًا كبيرة وإن لم يصر على صغيرة واحدة


(١) صحيح. أخرجه ابن ماجه (٤٢٤٣)، وقال البوصيري: هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات، وابن حبان في الصحيح (٥٥٦٨)، والطبراني في الأوسط (٢٣٧٧ - ٣٨٧٦)، وقال محققه: تفرد به، وأبو نعيم في الحلية (٣/ ١٦٨)، ومسند الشهاب (٩٥٥)، وأخرجه أحمد في المسند (٦/ ٧٠)، والدارمي (٢٧٢٦)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (٣٤٢١)، والسلسلة الصحيحة (٥١٣ - ٢٧٣١).
(٢) أخرجه أحمد (٤٠/ ٤٧٨).
(٣) أخرجه أحمد (١/ ٤٠٢)، والطيالسي - (٤٠٠)، والبيهقي في الشعب (٢٨٥)، والطبراني في الكبير (١٠٥٠٠)، والحميدي (٩٨)، وعبد الرازق في المصنف (٢٠٢٧٨)، والحديث صححه الألباني وقال: صحيح لغيره، صحيح الترغيب والترهيب (٢٤٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>