بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٥٠)}، فالرد أنه ليس بمنتقض ولكنهما في تفسير الخواص في المواطن المختلفة:
فأما تفسير:{فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} بأنه إذا نفخ في الصور النفخة الثانية قام الخلائق من قبورهم فلا أنساب بينهم في ذلك الموطن، ولا يعطف بعضهم على بعض قريب لقرابته حتى ينجو من الحساب إلى الجنة، ولا يسأل بعضهم بعضًا فذلك قوله جل ثناؤه:{وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا}، وذلك قوله: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧)}، فإذا صاروا إلى الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون إذا رأى بعضهم بعضًا فهذا تفسيره (١).
ثالثًا: قال بدر الدين العيني: قوله: (يختلف علي) أي: يشكل ويضطرب علي؛ إذ بين ظواهرها تناف وتدافع أو تفيد شيئًا لا يصح عقلًا: الأول من الأسئلة قال: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} إلى قوله: {وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} فإن بين قوله: {وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} وبين قوله: {يَتَسَاءَلُونَ} تدافعًا ظاهرًا.
الثاني: قوله: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} فإن بينه وبين قوله: {مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} تدافعًا ظاهرًا؛ لأنه علم من الأول أنهم لا يكتمون اللَّه حديثًا، ومن الثاني أنهم يكتمون كونهم مشركين.
قوله: فقال: {فَلَا أَنْسَابَ} إلى قوله: {وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} جواب عن سؤال الأول أي: قال: فقال ابن عباس -رضي اللَّه عنه- في الجواب ما ملخصه: إن التساؤل بعد النفخة الثانية، وعدم التساؤل قبلها. وعن السدي أن نفي المساءلة عند تشاغلهم بالصعق والمحاسبة والجواز على الصراط، وإثباتها فيما عدا ذلك.
قوله: وأما قوله: {مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} إلى قوله: {يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} فهو جواب عن
(١) (التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع) لأبي الحسين محمد الملطي الشافعي ١/ ٥٦ بتصرف.