للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي: سفر الخروج (٤/ ٢٦: ٢٤): وَحَدَثَ فِي الطَّرِيقِ فِي المَنْزِلِ أَنَّ الرَّبَّ الْتَقَاهُ وَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَهُ. ٢٥ فَأَخَذَتْ صَفُّورَةُ صَوَّانَةً وَقَطَعَتْ غُرْلَةَ ابْنِهَا وَمَسَّتْ رِجْلَيْهِ. فَقَالَتْ: "إِنَّكَ عَرِيسُ دَمٍ لِي". ٢٦ فَانْفَكَّ عَنْهُ. حِينَئِذٍ قَالَتْ: "عَرِيسُ دَمٍ مِنْ أَجْلِ الْخِتَانِ.

[المسيح ختن وقد أمرهم بالاقتداء به في جميع أفعاله وأقواله.]

فقد انفرد لوقا في إنجيله بذكر حادثتي ختان كل من يحيى بن زكريا والمسيح عيسى عليهما السلام، حسب شريعة التوراة وطقوس الختان التوراتية. ولا يوجد في الأناجيل الأربعة المتداولة حاليًا قولا صريحًا للمسيح عن الختان. ولكن بتتبع سيرته العطرة المسجلة في الأناجيل نجد أنه -عليه السلام-: قال: "قد جعلت لكم من نفسي قدوة لتصنعوا أنتم أيضًا ما صنعت إليكم" (يوحنا ١٣: ١٥)

وقد اختتن -عليه السلام- حسب شريعة التوراة وهو طفل صغير وقدمت عنه يمامتين لبيت الرب.

وبتتبع سيرته نجد أن هناك أمورًا كثيرة قد وافق عليها وأقرها لقومه، وهناك أمور أخرى أحلها لقومه بعد أن كانت محرمة عليهم وهناك أمور جديدة شرعها لقومه. فلماذا لم ينهى نهيًا قطعيًا عن الختان، ففي سفر اللاويين (١٢/ ٣: ١): وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا:

"كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: إِذَا حَبِلَتِ امْرَأَةٌ وَوَلَدَتْ ذَكَرًا، تَكُونُ نَجِسَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِ عِلَّتِهَا تَكُونُ نَجِسَةً. ٣ وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ يُخْتَنُ لَحْمُ غُرْلَتِهِ. (١)

* * *


(١) قال القرطبي: وهذا نص لا إشكال فيه ثم إن النصارى بتحكمهم وأستهانتهم بالشرائع تركوا العمل، وذلك من غير أصل يعتمدون عليه ولا نسخ يثبت عندهم له، ومن ادعى منهم شيئًا من ذلك طالبناه بنص من الإنجيل وليس لذلك من سبيل غير التحكم بالقال والقيل، فإنهم كذبوا على اللَّه حيث قالوا: إنما أراد اللَّه بهذا الحكم إزالة غلوفية القلوب. ولو كان ذلك حقًا لبينه موسى للناس ولما جاءهم بالختان ولما فعله ولما فعل بيحيى وعيسى وسائر الأنبياء الذين حكموا بالتوراة ولم يزالوا يختتنون ويأمرون بالختان إلى زمان المسيح ثم إن المسيح لم ينه عنه ولا أمر بتركه فهذا على اللَّه ورسله كذب صراح وقول وقاح. الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن الإسلام (٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>