للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن نفاقه وتلونه تزلفه لحكام روما الوثنيين واعتبارهم وسائر الحكام سلاطين موضوعين من قبل الله، ويمضي فيجعل الضرائب والجزية التي يفرضونها حقًّا مشروعًا لهم، فيقول: "١ لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلَاطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلَّا مِنَ الله، وَالسَّلَاطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ الله، ٢ حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ الله، وَالمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً .... ٦ فَإِنَّكُمْ لأَجْلِ هذَا تُوفُونَ الجزْيَةَ أيضًا، إِذْ هُمْ خُدَّامُ الله مُواظِبُونَ عَلَى ذلِكَ بِعَيْنِهِ. فَأَعْطُوا الجْمِيعَ حُقُوقَهُمُ: الجزْيَةَ لمِنْ لَهُ الجِزْيَةُ. الجِبَايَةَ لَمِنْ لَهُ الجِبَايَةُ. وَالْخَوْفَ لِمَنْ لَهُ الْخَوْفُ. وَالإِكْرَامَ لمِنْ لَهُ الإِكْرَامُ." (رومية ١٣/ ١ - ٧).

[٣ - غروره]

وتمتلئ رسائل بولس بثنائه على نفسه ومن ذلك قوله: "بُولُسُ، رَسُولٌ لَا مِنَ النَّاسِ وَلَا بِإِنْسَانٍ، بَلْ بِيَسُوعَ المسِيحِ وَالله الآبِ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ" (غلاطية ١/ ١)، وفي رسالة أخرى يقول: "بُولُسُ، عَبْدُ الله، وَرَسُولُ يَسُوعَ المسِيحِ .... وَإِنَّمَا أَظْهَرَ كَلِمَتَهُ فِي أَوْقَاتِهَا الْخَاصَّةِ، بِالْكِرَازَةِ الَّتِي اؤْتُمِنتُ أَنَا عَلَيْهَا، بِحَسَبِ أَمْرِ مُخَلِّصِنَا الله" (تيطس ١/ ١ - ٣).

ويظن بولس أن عنده روح الله فيقول: "وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أيضًا عِنْدِي رُوحُ الله." (كورنثوس (١) ٧/ ٤٠).

ويرتفع بنفسه إلى درجة القديسين الذين - كما يرى - سيدينون العالم بما فيهم الملائكة فيقول: "أَلسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْقِدِّيسِينَ سَيَدِينُونَ الْعَالمَ؟ .... أَلسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّنَا سَنَدِينُ مَلَائِكَةً" (كورنثوس (١) ٦/ ٢ - ٣) فهو سيدين الملائكة الذين كان قد ذكر بأن المسيح دونهم بقليل (انظر عبرانيين ٢/ ٩)، ويقول أيضًا مفاخرًا بنفسه: "كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلَا لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي المحَبَّةِ" (أفسس ١/ ٤). (١)

[٤ - عدم تلقيه الدين والهدي من تلاميذ المسيح]

ورغم أن بولس لم يلق المسيح فإنه يعتبر نفسه في مرتبة التلاميذ، لا بل يفوقهم "وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ


(١) هل العهد الجديد كلمة الله؟ (ص ٣٧) وانظر: مسيحية بلا مسيح، كامل سعفان (ص ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>