الوجه الثالث: بيان ضعف ما ذكره ابن إسحاق من أن جريجًا كفل مريم.
قال محمد بن إسحاق: كفلها بعد هلاك أمها فضمها إلى خالتها أم يحيى، حتى إذا بلغت أدخلوها الكنيسة لنَذْر أمها الذي نذرت فيها، فجعلت تنبت وتزيد. قال: ثم أصابت بني إسرائيل أزْمة وهي على ذلك من حالها، حتى ضعف زكريا عن حملها، فخرج على بني إسرائيل فقال: يا بني إسرائيل، أتعلمون؛ والله لقد ضعفتُ عن حَمل ابنة عمران، فقالوا: ونحن لقد جُهِدنا وأصابنا من هذه السنة ما أصابكم، فتدافعوها بينهم، وهم لا يرون لهم من حملها بُدًا، حتى تقارعوا بالأقلام، فخرج السّهم بحملها على رجل من بني إسرائيل نجار يقال لهُ جريج، قال: فعرفت مريم في وجهه شدة مؤنة ذلك عليه، فكانت تقول له: يا جريج، أحسن بالله الظن؛ فإن الله سيرزقنا فجعل جريج يرزق بمكانها، فيأتيها كلّ يوم من كسبه بما يُصلحها، فإذا أدخله عليها وهي في الكنيسة، أنماه الله وكثَّره، فيدخل عليها زكريا فيرى عندها فضلًا من الرزق، وليس بقدر ما يأتيها به جُريج، فيقول:{يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا} فتقول: {هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}(١).
[الوجه الرابع: بعض فضائل السيدة مريم عليها السلام.]
(١) إسناده ضعيف. أخرجه الطبري في التفسير (٣/ ٢٤٦) وفيه سلمة بن الفضل صدوق كثير الخطأ، وابن حميد أجمع أهل بلده على تضعيفه. الجرح والتعديل (٧/ ٢٣٢)، الكاشف (٢/ ١٦٦).