للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصطلق فقضى عنها كتابتها وتزوجها، وكان بها طابع يمن وبركة على قومها إذ أعتق لهذا الزواج مائة رجل من أسراهم؛ لأنهم أصبحوا أصهارًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان من آثاره المباركة كذلك إسلام أبيها الحارث بن ضرار، كما أنه -صلى الله عليه وسلم- تزوج بصفية بن حيي بن أخطب اليهودية إثر غزوة خيبر، وبنى بها في خيبر أو ببعض الطريق، وإذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (الأسوة الحسنة، فقد توارى العتاب وانقطع الملام.

[الوجه الثاني عشر: تحقيق موقف الصحابة من قتل خالد لمالك بن نويرة.]

أولًا: تحقيق موقف أبي قتادة وابن عمر وإصرارهما على إسلام مالك:

١ - اختلاف الطابع النفسي للعابد (أي المشهور بكثرة العبادة) عن الطابع النفسي للقائد (صاحب المعارك الكثيرة): فأبو قتادة وابن عمر كثيرًا ما يأخذان باللين في كثير من حياتهما (وهو الطابع النفسي للعابد)، وشخصية القائد قد تستوجب الأخذ بالشدة (وهو الطابع النفسي للقائد).

٢ - عدم اعتراض جميع من كانوا مع خالد يُبين أنه موقف فردي من أبي قتادة في إسلام مالك وفرضية الأمان له: وخالف أبو قتادة جماعة السرية فأخبروا خالدًا أنه لم يكن لهم أمان، وإنما سيروا قسرًا، فأمر بهم خالد فقتلوا وقبض سبيهم، فركب أبو قتادة فرسه وسار قبل أبي بكر. فلما قدم عليه قال: تعلم أنه كان لمالك بن نويرة عهد وأنه ادعى إسلامًا، وإني نهيت خالدًا فترك قولي وأخذ بشهادات الأعراب الذين يريدون الغنائم. (١)

٣ - بيان خالد لأبي قتادة أن هذا الأمر خاص بالقائد في اتخاذ القرار، وأن أبا قتادة أخذته العاطفة في حكمه، حتى أنه ظن أن الأعراب هم الذين أفهموا خالدًا ذلك لأنهم يُريدون الغنائم مع أن الجنود كان منهم عدد ليس بقليل من المهاجرين والأنصار: فعن الزهري أن أبا قتادة قال: فقلت: اتق الله يا خالد فإن هذا لا يحل لك، قال: اجلس فإن هذا ليس منك في شيء، قال: فكان أبو قتادة يحلف لا يغزو مع خالد أبدًا، قال: وكان الأعراب هم الذين شجعوه على قتلهم من أجل الغنائم وكان ذلك في مالك بن نويرة. (٢)


(١) تاريخ الإسلام للذهبي (١/ ٣٧١).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٨٧٢٢) عن معمر، عن الزهري به.

<<  <  ج: ص:  >  >>