لعدم صبره على جمالها ولهواه السابق فيها وبذلك يكون زواجه منها -حاش لله- سفاحًا، فهذا القول مستحدث لا يُعتد به، إذ خلت المصادر القديمة من الإشارة إليه، بل هي على خلافه في نصوصها الصريحة، يذكر الماوردي أن الذي جعل خالدًا يقدم على قتل مالك، هو منعه للصدقة التي استحل بها دمه وبذلك فسد عقد المناكحة بينه وبين أم تميم، وحكم نساء المرتدين إذا لحقن بدار الحرب أن يسبين ولا يقتلن، كما يشير إلى ذلك الإمام السرخسي، فلما صارت أم تميم في السبي اصطفاها خالد لنفسه، فلما حلّت بنى بها.
ويعلق الشيخ أحمد شاكر على هذه المسألة بقوله: إن خالدًا أخذها هي وابنها ملك يمين بوصفها سبية، إذ إن السبية لا عدة عليها، وإنما يحرم حرمة قطعية أن يقربها مالكها إن كانت حاملًا قبل أن تضع حملها، وإن كانت غير حامل، حتى تحيض حيضة واحدة ثم دخل بها وهو عمل مشروع جائز لا مغمز فيه ولا مطعن، إلا أن أعداءه والمخالفين عليه رأوا في هذا العمل فرصتهم، فانتهزوها، وذهبوا يزعمون أن مالك بن نويرة مسلم وأن خالدًا قتله من أجل امرأته، وقد اتهم خالد بأنه في زواجه هذا خالف تقاليد العرب، فقد قال العقاد: قتل خالد مالك بن نويرة وبنى بامرأته في ميدان القتال على غير ما تألفه العرب في جاهلية وإسلام، وعلى غير ما يألفه المسلمون، وتأمر به الشريعة. وهذا القول بعيد عن الصحة، فقد كان يحصل كثيرًا في حياة العرب قبل الإسلام إثر حروبهم وانتصاراتهم على أعدائهم أن يتزوجوا من السبايا وكانوا يفخرون بذلك ولذلك كثر فيهم أولاد السبايا وهذا حاتم الطائي يقول:
وما أنكحونا طائعين بناتهم ... ولكن خطبناها بأسيافنا قسرًا
وكائن ترى فينا من ابن سبية ... إذا لقي الأبطال يطعنهم شزرًا
وأما من الناحية الشرعية، فقد أتى خالد أمرًا مباحًا وسلك إليه سبيلًا مشروعة أتاه من هو أفضل منه؛ فإذا كان قد أخذ عليه زواجه أبان الحرب أو في أعقابها، فإن رسول الله (تزوج بجويرية بنت الحارث المصطلقية إثر غزوة المريسيع، وقد كانت في سبايا بني