للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُجاب عنه: بأن الحديث ضعيف لا يثبت ولا يقاوم ما ثبت في الصحيح كما تقدم.

قال النووي: وَأَمَّا قَوْل مَنْ قَالَ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ: أَوَّل مَا نَزَلَ الْفَاتِحَة، فَبُطْلَانه أَظْهَر مِنْ أَنْ يُذْكَر، وَالله أَعْلَم. (١)

وأبعد من قال أن أول ما نزل الفاتحة، بل هو شاذ. (٢)

[القول الرابع: سورة من المفصل.]

واستدلوا بحديث عائشة قالت: (أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنْ الْمُفَصَّلِ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الْإِسْلَامِ نَزَلَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ). (٣)

هَذَا ظَاهِره مُغَايِر لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ أَوَّل شَيْء نَزَلَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْر الْجَنَّة وَالنَّار، فَلَعَلَّ "مِنْ" مُقَدَّرَة أَيْ مِنْ أَوَّل مَا نَزَلَ، أَوْ الْمُرَاد سُورَة الْمُدَّثِّر فَإِنَّهَا أَوَّل مَا نَزَلَ بَعْد فَتْرَة الْوَحْي وَفِي آخِرهَا ذِكْر الْجَنَّة وَالنَّار، فَلَعَلَّ آخِرهَا نَزَلَ قَبْل نُزُول بَقِيَّة سُورَة اِقْرَأْ، فَإِنَّ الَّذِي نَزَلَ أَوَّلًا مِنْ اِقْرَأْ كَمَا تَقَدَّمَ خَمْس آيَات فَقَطْ. (٤)

[الخلاصة]

من تحرير الأقوال السابقة يتضح أن القول في أول ما نزل هو:

{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} إلى الآية الخامسة، ثم فتر الوحي، ثم أنزل الله {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}، وقد بينا ذلك بالأدلة وكلام العلماء عليها، والله أعلم.

[الوجه الرابع: ذكر الأقوال في آخر ما نزل، وبيان الراجح منها.]

القول الأول: آخر ما نزل آية الربا


(١) شرح النووي (١/ ٤٨٥).
(٢) عمدة القاري (١/ ٦٢).
(٣) رواه البخاري (٤٩٩٣).
(٤) فتح الباري (٨/ ٦٥٧)، وانظر الإتقان (١/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>