للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمر - صلى الله عليه وسلم - الإحسان إلى البهيمة حال ذبحها، وأثنى على من فعل ذلك.

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ - رضي الله عنه -، عَنْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِنَّ الله كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ". (١)

فهل هذه الرحمة المهداة والنعمة المسداه، يظن بها لحظة، أنها تغتال أو تمثل أو تمزق امرأة بهذه الحال التي وصفت، كلا وألف كلا.

[الوجه الثاني: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء والصبيان حتى في القتل مع الأعداء.]

فقد كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى الله وَمَنْ مَعَهُ مِنْ المسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ: "اغْزُوا بِاسْمِ الله فِي سَبِيلِ الله، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِالله، اغْزُوا، وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، ولَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَليدًا" (٢).

ووجد امرأةً مقتولة في بعض المغازي فَأَنْكَرَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهم - قَالَ: وُجِدَتِ امْرَأَةٌ مَقْتُولَةً في بَعْضِ مَغَازِي رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَنَهَى رَسُولُ الله عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. (٣)

وعن الْمَرَقَّعِ بْنِ صَيفيٍّ، عَنْ جَدِّهِ رَبَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ، أَخِي حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ، فَمَرَّ رَبَاحٌ، وَأَصْحَابُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى امْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ، مِمَّا أَصَابَتِ المقَدِّمَةُ، فوَقَفُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا، ويَتَعَجَّبُونَ مِنْ خَلْقِهَا، حَتَّى لحِقَهُمْ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَاحِلَتِهِ، فانْفَرَجُوا عَنْهَا، فوَقَفَ عَلَيْهَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقَالَ: "مَا كَانَتْ هَذِه لِتُقَاتِلَ، فقَالَ لأَحَدِهِمْ: الْحَقْ خَالِدًا، فَقُلْ لَهُ: لا تَقْتُلُونَ ذُرِّيَّةً -امرأة-، وَلا عَسِيفًا". (٤)


(١) مسلم (٥٧).
(٢) مسلم (١٧٣١).
(٣) البخاري (٥١٠٣)، ومسلم (١٧٤٤).
(٤) حسن. أخرجه أحمد ٣/ ٤٨٨، والنَّسائي في الكبري (٨٥٧٢)، وابن ماجه (٢٨٤٢)، وابن حبان في صحيحه (٤٧٩١) من طريق أَبِي الزِّنَاد.
وأخرجه أبو داود (٢٦٦٩)، والنَّسائي في الكبري (٨٥٧١) من طريق عُمَر بن المُرَقَّع. كلاهما (أبو الزِّنَاد، وعُمَر بن المُرَقَع) عن المُرَقَّع بن صَيْفِي به. وحسنه الألباني في الإرواء ٥/ ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>