للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ، فرَأَيْنَا حُمرَةً (١) مَعَهَا فَرْخَانِ، فأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءَتْ الحمَرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرِشُ (٢)، فَجَاءَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "مَنْ فَجَعَ هَذه بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا". وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا فَقَالَ: "مَنْ حَرَّقَ هَذِه؟ "قُلْنَا: نَحْنُ. قَالَ: "إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ". (٣)

بل أبان - صلى الله عليه وسلم - لنا أنّ الإحسان إلى البهيمة من موجبات المغفرة.

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "بينا رجل بطريق، اشتد عليه العطش، فوجد بئرا، فنزل فيها، فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأخفه ماء، فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له"، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأجرا؟ فقال: "في كل ذات كبد رطبة أجر" (٤).

بل الأعجب من ذلك هذه القصة:

والتي رواها لنا أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: " بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ برَكِيَّةٍ. (٥) قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، إذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا، فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ، فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ" (٦).

فيوضح حبيبنا - صلى الله عليه وسلم - أنّ الإساءة إلى البهائم، ربما أودت بالعبد إلى النار والعياذ بالله، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِزَةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ هَزلًا" (٧).


(١) طائر صغير كالعصفور.
(٢) تبسط جناحيها وتبحث عن ولدها.
(٣) أبو داود (١٠٧٥)، وصححه الألباني في الصحيحة (٢٥).
(٤) البخاري (٢٤٦٦)، ومسلم (٢٢٤٤).
(٥) بئر. النهاية في غريب الحديث والأثر ٢/ ٦٣٤.
(٦) البخاري (٣٤٦٧)، ومسلم (٢٢٤٥).
(٧) البخاري (٢٣٦٥)، ومسلم (١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>