للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الجواب عن الوهم الثاني: فهو أن السحر الذي أصيب به - صلى الله عليه وسلم - إنما كان متسلطًا عن جسده وظواهر جوارحه كما هو معروف لا على عقله وقلبه واعتقاده فمعاناته من آثاره كمعاناته من آثار أي مرض من الأمراض التي تعرض لها الجسم البشري ومعلوم أن عصمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يستلزم سلامته من الأمراض والأعراض البشرية المختلفة.

وهو كما حصل للمريض عند شدة الحمى فمن الأعراض الطبيعية لذلك أن تطوف بالذهن أخيلة وأوهام غير حقيقية لشدة وطأة الحرارة والأمر في ذلك واشتباهه من الأعراض البشرية التي يستوي فيها الأنبياء والرسل مع غيرهم من الناس. (١)

قال المازري: والصحيح من جهة العقل أنه يجوز أن يقع به أكثر من ذلك ... والآية ليست نصًا في منع الزيادة ولو قلنا أنها ظاهرة في ذلك. (٢)

[وأنواع السحر ثمانية]

الأول: سحر الكذابين والكشدانيين الذين كانوا يعبدون الكواكب السبعة المتحيرة وهي السيارة وكانوا يعتقدون أنها مدبرة العالم وأنها تأتي بالخير والشر وهم الذين بعث الله تعالى إليهم إبراهيم الخليل - صلى الله عليه وسلم - مبطلًا لمقالتهم ورادً لمذهبهم.

الثاني: سحر أصحاب الأوهام والنفوس القوية.

الثالث: من السحر الاستعانة بالأرواح الأرضية وهم الجن خلافًا للفلاسفة والمعتزلة وهم على قسمين مؤمنون وكفار وهم الشياطين.

الرابع: من السحر التخيلات والأخذ بالعيون والشعبذة ومبناه على أن البصر قد يخطئ ويشتغل بالشيء المعين دون غيره.

الخامس: الأعمال العجيبة التي تظهر من تركيب آلات مركبة.

السادس: الاستعانة بخواص الأدوية.


(١) التداوي بالقرآن والسنة والحبة السوداء (صـ ٢٤: ٢٥).
(٢) فتح الباري (١٠/ ٢٣٢: ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>