للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القرطبي: (الودود) أي المحب لأوليائه. (١)

[الوجه الرابع: ومن الصفات الدال على المحبة صفة الإرادة.]

فإن الله تعالى موصوف بالإرادة، وهي صفة فعل، والله يريد الخير لعباده.

قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]. وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النساء: ٢٦]. وقال تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٢٧]. وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (٢٨)} [النساء: ٢٨].

وإرادة الشيء تدل على محبته له.

[الوجه الخامس: من الصفات الدالة على المحبة الفرح.]

فإن الفرح بالشيء دلالة على حبه له. والفرح صفة من صفات الله تعالى الفعلية، والله تعالى يفرح بتوبة عبده.

عن عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَال: "للهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلًا وَبِهِ مَهْلَكَةٌ، وَمَعَهُ رَاحِلتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ نَوْمَةً، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلتُهُ حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الحرُّ وَالْعَطَشُ أَوْ مَا شَاءَ الله، قَال: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي، فَرَجَعَ فَنَامَ نَوْمَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ". (٢)

[الوجه السادس: الله سبحانه يأمر بالمحبة.]

فقد حث الله تبارك وتعالى على الحب له وللمؤمنين في كثير من القرآن منها:

قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: ١٦٥].


(١) تفسير القرطبي (١٩/ ٢٩٦).
(٢) البخاري (٥٨٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>