للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُصَدِّقًا، وَسَمَّاهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - "حُجَّةٌ لَك أَوْ عَلَيْك" (١)، وَفِي حَدِيثِ الْحَارِثِ عَنْ عِليٍّ "عِصْمَةٌ لِمَنْ اسْتَمْسَكَ بِهِ" (٢). وَأَمَّا وَصْفُهُ بِأَنَّهُ يَقُصُّ، وَيَنْطِقُ، وَيَحْكُمُ، وَيُفْتِي، وَيُبَشِّرُ، وَيَهْدِي فَقَالَ: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [النمل: ٧٦] {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ} [الجاثية: ٢٩] {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} [النساء: ١٢٧] أَيْ يُفْتِيكُمْ أَيْضًا {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ. . .} [الإسراء: ٩]. (٣)

[الوجه السادس والعشرون: إعجاز القرآن في بيانه للحق بالأدلة العقلية والقياس البين.]

وَهَكَذَا غَالِبُ مَا بَيَّنَهُ الْقُرْآنُ، فَإِنَّهُ يُبَيِّنُ الْحَقَّ وَالصِّدْقَ وَيَذْكُرُ أَدِلَّتَهُ وَبَرَاهِينَهُ؛ لَيْسَ يُبَيِّنُهُ بِمُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ عَنْ الْأَمْرِ كَمَا قَدْ يَتَوَهَّمُهُ كَثِيرٌ مِنْ المُتَكَلِّمَةِ والمتفلسفة أَنَّ دَلَالَتَهُ سَمْعِيَّةٌ خَبَرِيَّةٌ، وَأَنَّهَا وَاجِبَةٌ لِصِدْقِ الْمُخْبِرِ؛ بَلْ دَلَالَتُهُ أَيْضًا عَقْلِيَّةٌ بُرْهَانِيَّةٌ، وَهُوَ مُشْتَمِلٌ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَالْبَرَاهِينِ عَلَى أَحْسَنِهَا وَأَتَمِّهَا بِأَحْسَنِ بَيَانٍ لِمَنْ كَانَ لَهُ فَهْمٌ وَعَقْلٌ؛ بِحَيْثُ إذَا أَخَذَ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذَلِكَ، وَبَيَّنَ لِمَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كَلَامُ الله، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ صِدْقَ الرَّسُولِ، أَوْ يَظُنَّ فِيهِ ظَنًّا مُجَرَّدًا عَنْ مَا يَجِبُ مِنْ قَبُولِ قَوْلِ الْمُخْبِرِ كَانَ فِيهِ مَا يُبَيِّنُ صِدْقَهُ وَحَقَّهُ وَيُبَرْهِنُ عَنْ صِحَّتِهِ. (٤)

[الوجه السابع والعشرون: إعجاز القرآن في حفظ الله له]

١ - تكفل الله بحفظه.

قال القاضي عياض: ومن وجوه إعجازه كونه آيةً باقيةً لا يعدم ما بقيت الدنيا، مع تكفّل الله بحفظه. (٥)

٢ - إبطال حِيل من أراد تحريفًا للقرآن.

٣ - نقل القرآن بالتّواتر من جيلٍ لجيلٍ.


(١) رواه مسلم (٥٥٦).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود - رضي الله عنه - (٣٠٦٣٠). وضعفه الألباني في الضعيفة (٦٨٤٢).
(٣) مجموع الفتاوى (١٤/ ٢).
(٤) مجموع الفتاوى ١٤/ ٤٣٧.
(٥) الإتقان في علوم القرآن ٢/ ٣٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>