للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل عبد الرحيم العباس قول ابن أبي الأصبع، وأقره ثم أعقبه بقوله: "قلت: وقد تصفحت ديوانه على اختلاف رُواته، فلم أجد فيه قصيدة على هذا الوزن والرويّ" (١).

فهذه كتب الأدباء والعلماء، وأساطين اللغة والشعر الذي اطلعوا على أشعار العرب ودواوين امرئ القيس حتى نهاية القرن العاشر الهجري، لا ينسبون إلى امرئ القيس أي شيء من هذا القبيل، ولو اطلعوا على غيرها من الأبيات لذكروه، سواء صحت نسبته أم لم تصح.

لذا فإن اعتماد هؤلاء المرجفين على أشعار "فيض القدير" للمناوي مغالطة كبيرة؛ إذ إن المناوي رحمه الله، كان اهتمامه في كتابه شرح أحاديث "الجامع الصغير" فلم يعتن بجمع الشعر، أو تمحيص رواياته، وكتابه (فيض القدير) ليس كتابًا معتمدًا في نقل الشعر أو نسبته، هذا فضلًا عن كونه من المتأخرين، حيث توفي سنة ١٠٢٩ هـ، فكيف يصبح كلامه مقدمًا على كلام من سبقه من أساطين اللغة، وعلماء الأدب والبيان، خاصة وأنه لم يذكر لهذه الأبيات سندًا ولا مصدرًا.

بل كيف يسوق أبياتًا مكسورة؟ ! فالبيت الأول في (دنت الساعة وانشق القمر) غير مستقيم من ناحية الوزن الشعري، فالشطر الأول مكسور، إلا لو أبدلنا (اقتربت) بـ (دنت)، وعلى ذلك بقية الأبيات (٢)، وحينئذ يتبين أن المناوي لم يكن له عناية في كتابه بذكر الشعر أو تحقيقه.

[الوجه السادس: ولأن الأبيات من الشعر المولد؛ فإن صاحبها اقتبس كلماتها من القرآن الكريم.]

إنه ليس لأحد من الناس أن يدعي قولًا وينسبه لرجل مات بلا برهان ولا بينة، وسبيلُ نسبة قولٍ لشاعرٍ جاهلي، معرق في القدم كامرئ القيس أن يكون هذا القول مأخوذًا من ديوان شعره أو من روايات هذا الديوان المتعددة والمتكاثرة المطبوعة، أو يذكر هذا القول منسوبًا لامرئ القيس في كتب التراث الأدبي من المجاميع الشعرية "كالكامل" و"الفاضل" و"الوحشيات" جميعها للمبرد، أو كالأغاني لأبي الفرج الأصفهاني أو "


(١) معاهد التنصيص على شواهد التلخيص صـ ٢٢٩٧.
(٢) وانظر: الوجه العاشر من وجوه الرد على هذه الشبهة ففيه تفصيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>