للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسبوها لأبي بن كعب لكان الأمر أهون؛ لأنه روي في الشواذ أن أبي بن كعب قرأ: مثل نور المؤمن. والذي ينبغي أن تحمل عليه هذه الروايات أن أبيًا - رضي الله عنه -. أراد تفسير الضمير في القراءة المعروفة المتواترة وهي مثل نوره. فهي روايات عنه في التفسير لا في القراءة بدليل أنه كان يقرأ: {مَثَلُ نُورِهِ} (١).

المبحث الثاني: ما جاء عن تخطئة عائشة - رضي الله عنها - للكُتَّاب.

عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: سألت عائشة عن لحن القرآن، {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه: ٦٣]، وعن قوله: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [النساء: ١٦٢] وعن قوله {وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى} [المائدة: ٦٩]، فقالت: "يا ابن أختي، هذا عمل الكُتَّاب أخطأوا في الكتاب" (٢).

وروي عن مَوْلَى بَنِي جُمَحٍ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فِي سَقِيفَةِ زَمْزَمَ لَيْسَ فِي الْمَسْجِدِ ظِلٌّ غَيْرَهَا، فَقَالَتْ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا بِأَبِي عَاصِمٍ يَعْنِي: عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَوْ تُلِمَّ بِنَا؟ فَقَالَ: أَخْشَى أَنْ أُمِلَّكِ، فَقَالَتْ: مَا كُنْتَ تَفْعَلُ، قَالَ: جِئْتُ أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْ آيَةٍ فِي كِتَابِ الله - عز وجل -؛ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَؤُهَا؟ فَقَالَتْ: أَيَّةُ آيَةٍ؟ فَقَالَ: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا} [المؤمنون: ٦٠] أَوْ (الَّذِينَ يَأْتُونَ مَا أَتَوْا) فَقَالَتْ: أَيَّتُهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَإِحْدَاهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا جَمِيعًا أَوْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، قَالَتْ: أَيَّتُهُمَا. قُلْتُ: الَّذِينَ يَأْتُونَ مَا أَتَوْا. قَالَتْ أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَذَلِكَ كَانَ يَقْرَؤُهَا، وَكَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، أَوْ قَالَتْ: أَشْهَدُ لَكَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، وَكَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَؤُهَا وَلَكِنَّ الْهِجَاءَ حَرْفٌ (٣).


(١) مناهل العرفان ١/ ٣٢٧.
(٢) أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن (٤٩٦)، وسعيد بن منصور في سننه ٤/ ١٥٠٧، وابن أبي داود في المصاحف (٩١) من طريق أبي معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: سألت عائشة فذكره. وإسناده صحيح.
(٣) أخرجه أحمد ٦/ ٩٥، ١٤٤، والبخاري في التاريخ الكبير ٨/ ٢٨، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل =

<<  <  ج: ص:  >  >>