فهذه معجزة عظيمة أنعم الله بها على موسى - عليه السلام - إذ أحيا الله هذه القطعة الصغيرة من الخشب الجماد التي لا حياة فيها وجعلها حية عظيمة تسعى وتبتلع بفيها ما وضعه السحرة من عصي وحبال .. إلخ.
٣ - إحياء الميت الذى قُتل في بني إسرائيل في عهد موسى - عليه السلام - بإذن الله بعد أمر الله لهم أن يضربوا الميت ببعض البقرة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٧٣)} (البقرة: ٧٢ - ٧٣).
فهؤلاء الذين ضربوا الميت ببعض لحم البقرة فقام حيًّا بإذن الله ليسوا من الرسل - على ما يظهر - وعلى الرغم من هذا حدثت على أيديهم هذه المعجزة بإذن الله فهل كان هذا مدعاة لتأليه أحد منهم؟ أو تأليه موسى - عليه السلام -؟ إن النصارى زعموا أن علة تأليه عيسى - عليه السلام - هي إحياؤه للموتى، ولو فرض أنها علة لتأليه أحد ما من البشر؛ لكان العقل موجبًا أن يؤله كل من اشترك في هذه العلة فقام بمثل هذه المعجزات، أو الأمور الخارقة للعادة. وقد شارك عيسى غيره في معجزة الإحياء كما مر آنفًا، مما يبطل ادعاء النصارى في تأليه عيسى - عليه السلام - لإحيائه الموتى على نحو عام.
ويبطل نسبة هذا التأليه إلى القرآن على نحو خاص؛ لأن القرآن أوضع أن كل ذلك بإذن الله وأن هناك من أنعم الله عليه بمثل معجزات عيسى - عليه السلام - في إحياء الموتى، ولم يجعل ذلك منهم آلهة.
ثانيًا: الإخبار بالغيب: أخبرنا الله سبحانه وتعالى في القرآن العظيم عن بعض من أنعم عليهم: باطلاعهم - من لدنه - على بعض الغيوب من ذلك:
(أ) ما أنزل على سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - من الغيوب سواء في القرآن الكريم أو السنة الصحيحة، وهو شيء كثير لا يتسع المقام لذكره، مثل الإخبار عن الأقوام السابقين له صلوات الله وسلامه عليه، وعن رسلهم وما جرى لهم مع أقوامهم، ومثل الإخبار عن قصة سليمان والهدهد