للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللَّحَنُ يأتي بمعنى: اللغة. (١)

[الوجه الرابع: أن ذلك محمولا على الرمز والإشارة ومواضع الحذف.]

وذلك نحو: الكتاب، والصابرين وما أشبه ذلك. (٢)

[الوجه الخامس: أنه مؤول على أشياء خالف لفظها رسمها.]

كما كتبوا (لا أوضعوا) (لا أذبحنه) بألف بعد لا، و (جزاؤا الظالمين) بواو وألف، و (بأييد) بياءين. فلو قرئ ذلك بظاهر الخط لكان لحنًا. (٣)

قال أبو عمرو الداني: المقصد أن يكون عثمان - رضي الله عنه - أراد باللحن المذكور فيه: التلاوة دون الرسم، إذ كان كثير منه لو تُلي على رسمه لانقلب بذلك معنى التلاوة، وتغيرت ألفاظها ألا ترى قوله "أولاأذبحنّه" و"لاأوضعوا" و"من نبأي المرسلين" و "سأوريكم" و"الربوا" وشبهه مما زيدت الألف والياء والواو في رسمه، لو تلاه تالٍ لا معرفة له بحقيقة الرسم، على صورته في الخط، لصير الإيجاب، ولزاد في اللفظ ما ليس فيه ولا من أصله، فأتى من اللحن بما لا خفاء به على من سمعه، مع كون رسم ذلك كذلك جائزًا مستعملًا. فأعلم عثمان - رضي الله عنه - إذ وقف على ذلك أن من فاته تمييز ذلك، وعزبت معرفته عنه ممن يأتي بعده سيأخذ ذلك عن العرب؛ إذ هم الذين نزل القرآن بلغتهم فيُعرِّفونه بحقيقة تلاوته، ويدلُّونه على صواب رسمه؛ فهذا وجهه عندي والله أعلم (٤).

[الشبهة الرابعة: حول أول من جمع القرآن.]

[نص الشبهة]

أثار هؤلاء شبهة في بعض الآثار التي ظاهرها التعارض في ذكر أول من جمع القرآن، حيث قيل: إنه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وقيل: عمر بن الخطاب، وقيل سالم مولى أبي حذيفة.


(١) لسان العرب ٥/ ٤٠١٣، غريب الحديث لابن قتيبة ٢/ ٦١، النهاية في غريب الحديث والأثر ٤/ ٤٦٠.
(٢) الإتقان في علوم القرآن للسيوطي ٢/ ٢٧١، تفسير الألوسي ٦/ ١٥.
(٣) الإتقان في علوم القرآن للسيوطي ٢/ ٢٧١.
(٤) المقنع في رسم مصاحف الأمصار ١/ ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>