وقال مالك والشافعي في المشهور من مذهبه: يجوز ذلك كله لأنها أجنبية منه، ولا تنسب إليه شرعًا، ولا يجرى التوارث بينهما، ولا تعتق عليه، ولا تلزمه نفقتها فلم تحرم عليه كسائر المحرمات، ولنا قوله عز وجل:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} وهذه بنته، فإنها أنثى مخلوقة من مائه، وهذه حقيقة لا تختلف بالحل والحرمة، ويدل على ذلك قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في امرأة هلال بن أمية:"انظروه -يعني ولدها- فإن جاءت به على صفة كذا فهو لشريك بن سمحاء" يعني الزاني، ولأنها مخلوقة من مائه، وهذه حقيقة لا تختلف بالحل والحرمة، فأشبهت المخلوقة من وطء بشبهة، ولأنها بضعة منه ما لم تحل له كبنته من النكاح، وتخلف بعض الأحكام لا ينفي كونها بنتًا، كما لو تخلف لرق أو اختلاف دين. إذا ثبت هذا فلا فرق بين علمه بكونها منه مثل: أن يطأ امرأة في طهر لم يصبها فيه غيره، ثم يحفظها حتى تضع، أو مثل: أن يشترك جماعة في وطء امرأة فتأتي بولد لا يعلم هل هو منه أو من غيره، فإنها تحرم على جميعهم. . . (١)
قلت: فليت الناقل عن ابن قدامة قرأ كلامه كاملًا، ولو نظر بعين الإنصاف والبحث عن الحق لم يقل ما قاله.
وقال ابن قدامة: تحرم أبدًا الأم وكل جدة وإن علت، والبنت وبنت الابن وبنتاهما من حلال وحرام وإن سفلت.
[وقال ابن عثيمين وهو يشرح قوله: من حلال وحرام]
وبنت الزنا حرام خالص، فإذا زنى رجل بامرأة أو جامعها جماعًا في حكم الزنى مثل: أن يعقد عليها عقدًا باطلًا ويجامعها وهو يعلم أنه باطل، فهذا العقد صورة لا حقيقة، مثل أن يتزوج امرأة معتدة من غيره وهو يعلم أن ذلك حرام، ثم يجامعها وتأتي منه ببنت، فهذه بنت زنا؛ لأن وجود العقد هنا كعدمه، فهذه من حرام خالص فلا يتزوجها مع أنها لا تنسب إليه