[الشبهة الثانية: الرد على أن الأعمال الصالحة لا تفي حق الله فيما وقع فيه الإنسان من خطايا.]
[نص الشبهة]
إن الأعمال الصالحة التي نقوم بها نحن الخطاة - لا يمكن الخطأ في حق الله الذي لا حد لقداسته وبره وحقه -، وبالتالي فهي لا تستطيع أن تحصل لنا أي صفح لأنَّها أعمال محدودة، فأثر العمل الصالح محدود وحق الله غير محدود، والشيء المحدود لا يفي مطالب أمر ليس له حدود، فالأعمال الصالحة إرضاء الله وليس للتكفير عن الخطية، وإننا بكل أعمالنا الصالحة لا نستطيع أن تكفِّر عن خطايانا لأن خطايانا هي تعدِّ حدود الله، وحقوق الله لا حد لها كما أن ذاته لا حد لها، بينما أعمالنا الصالحة مهما كثرت وتنوعت فهي محدودة، والأعمال المحدودة لا تستطيع أن تكون تكفيرًا عن إساءة موجهة إلى حقوق غير محدودة، وإن الله وحده هو الذي يستطيع أن يكفِّر عن الإنسان لأنه هو وحده الذي يعرف حقوقه غير المحدودة.
والرد على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: هناك اختلاف في المقصود بحق الله عند كلٍّ من المسلمين والنصارى.
هناك فارق بين المسلمين والنصارى في تعريف حق الله.
فالمسلمون يرون أن حق الله هو ما يستحقه الله على عباده مما جعله الله محتمًا عليهم من عبادته سبحانه وتوحيده وعدم الإشراك به شيئًا.
بينما النصارى يرون أن حق الله هو الإيمان بأن المسيح الإله كما يزعمون تجسَّد وصار إنسانًا ثم عاش وصُلب على الصليب كفارةً لخطايا البشر ومن أجل خلاصهم.
وبناءً على ذلك يترتب الاختلاف في الطريقة الذي يوفِّي هذا الحق، فما السبيل إلى الوفاء بحق الله -عَزَّ وَجَلَّ-؟ .
المسلمون يرون أن حق الله يتمثل في عبادته بامتثال أمره واجتناب نهيه وتوحيده وعدم الإشراك به، وأن يتوجه بالعبادة له وحده، فالأعمال الصالحة يبتغي بها مرضاة الله الذي شرعها للقرب منه وللتكفير عن الذَّنْب.
بينما النصارى يرون أنه لا جدوى من هذه الأعمال الصالحة أن الوسيلة الوحيدة لتكفير الذنوب والقيام بحق الله هي الاعتبار بأن المسيح الإله صُلب كفارةً عن خطايا البشر.