للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرعًا ولا يرثها ولا ترثه؛ لأن قوة التحريم في النكاح لها نفوذ أكثر من الإرث والنسب. (١)

وقال الشنقيطي في أضواء البيان: وقد أجمع أهل العلم أنها لا تدخل في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (النساء: ١١).

فالإجماع على أنها لا ترث ولا تدخل في آيات المواريث دليل صريح على أنها أجنبية منه وليست بنتًا شرعًا، ولكن الذي يظهر لنا أنه لا ينبغي أن يتزوجها بحال وذلك لأمرين:

الأول: أن كونها مخلوقة من مائه يجعلها شبيهة شبهًا صوريًا بابنته شرعًا، وهذا الشبه القوي بينهما ينبغي أن يزعه عن تزويجها به.

الثاني: أنه لا ينبغي له أن يتلذذ بشيء سبب وجوده معصيته لخالقه -جل وعلا- فالندم على فعل الذنب الذي هو ركن من أركان التوبة لا يلائم التلذذ بما نشأ عن نفس الذنب. (٢)

[وسئل ابن تيمية: هل تزوج بنت الزنا بأبيها؟]

فأجاب: الحمد للَّه - مذهب الجمهور من العلماء أنه لا يجوز التزويج بها وهو الصواب المقطوع به حتى تنازع الجمهور: هل يقتل من فعل ذلك؟ على قولين - والمنقول عن أحمد أنه يقتل من فعل ذلك، والذين سوغوا نكاح البنت من الزنا حجتهم في ذلك أنهم قالوا:

ليست هذه بنتًا في الشرع، بدليل أنهما لا يتوارثان، ولا يجب نفقتها، ولا يلي نكاحها ولا تعتق عليه بالملك ونحو ذلك من أحكام النسب، وإذا لم تكن بنتًا في الشرع لم تدخل آية التحريم فتبقى داخلة في قوله {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}.


(١) الشرح الممتع (٥/ ١٧٠ وما بعدها).
(٢) أضواء البيان (٦/ ٣٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>