للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني: أن النسخ موجود في كل الشرائع كما تقدم.

الوجه الثالث: أن بعض الآيات تدل هي ذاتها على النسخ من غير تدخل من أحد، مثل قوله تعالى في آيات المصابرة {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا. .} [الأنفال: ٦٦].

الوجه الرابع: أن النسخ قد تم الإجماع على وقوعه والأمة لا تجتمع على ضلالة.

الوجه الخامس: أن الحكم على آية أو حديث بالنسخ له شروط شديدة لا بد أن تتوفر حتى يحكم على هذا النص بالنسخ، فلا يمكن لأي أحد التلاعب في النصوص بحجة النسخ، فمن هذه الشروط:

١ - أن يكون النسخ حكما شرعيًا.

٢ - أن يكون الناسخ دليلا شرعيًا.

٣ - أن يكون الناسخ متراخيًا عن المنسوخ.

٤ - أن يكون بين النصين تعارض حقيقي، فلا يصار إلى النسخ مع إمكان الجمع بينهما.

٥ - أن النسخ لا يكون في الأخبار كما تقدم. (١)

الشبهة الثالثة عشر: اعتراضهم على قوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} [البقرة: ١٠٦]

فقالوا: بأن الكلام فيه مفاضلة، وهذه الخيرية تتعارض مع النسخ بالأثقل فكيف تكون الخيرية إذن.

والجواب على هذه الشبهة من وجوه:

[الوجه الأول: المراد بالخيرية في الآية التخفيف أو المصلحة وليست في التلاوة.]

قال الجصاص: فَحَصَلَ مِنْ اتِّفَاقِ الْجَمِيعِ أَنَّ الْمُرَادَ "خَيْرٌ لَكُمْ إمَّا فِي التَّخْفِيفِ أَوْ فِي الْمَصْلَحَةِ "وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ: خَيْرٌ مِنْهَا فِي التِّلَاوَةِ؛ إذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ: إنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ خَيْرٌ مِنْ بَعْضٍ فِي مَعْنَى التِّلَاوَة وَالنَّظْمِ؛ إذْ جَمِيعُهُ مُعْجِزٌ كَلَامُ الله (٢).


= الاعتبار (٤٨) من طريق سفيان الثوري. كلاهما (شعبة وسفيان) عن أبي حصين عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عن علي به وإسناده صحيح.
(١) دعاوي الطاعنين (٢٧٩: ٢٧٢)، آراء المستشرقين حول القرآن (٢/ ٦٣٢: ٦٢٨).
(٢) أحكام القرآن (١/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>