للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَصْحَابُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى امْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ، مِمَّا أَصَابَتِ المقَدِّمَةُ، فَوَقَفُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا، وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْ خَلْقِهَا، حَتَّى لحِقَهُمْ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَانْفَرَجُوا عَنْهَا، فَوَقَفَ عَلَيْهَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ، فَقَالَ لأَحَدِهِمْ: "الْحقْ خَالِدًا، فَقُلْ لَهُ: لَا تَقْتُلُونَ ذُرِّيَّةً، وَلَا عَسِيفًا". (١)

٥ - عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ النبي - صلى الله عليه وسلم - خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بني جَذِيمَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُوُلوا أَسْلَمْنَا. فَجَعَلُوا يَقُوُلونَ صَبَأْنَا، صَبَأْنَا. فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنْهُمْ وَيَأْسِرُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ فَقُلْتُ: وَالله لَا أَقْتُلُ أَسِيرِي، وَلَا يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أصحابي أَسِيرَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْنَاهُ، فَرَفَعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ، فَقَالَ: "اللهمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ، مَرَّتَيْنِ". (٢)

قال ابن كثير: ومع هذا لم يعزل النبي - صلى الله عليه وسلم - خالدًا على الإمرة. (٣)

[الوجه الرابع: فهم خالد - رضي الله عنه - وتأويلاته للأمور ربما من يشاهده يظن أنه على خطأ.]

عَنْ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ بْنِ المغِيرةِ - رضي الله عنه - أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بَيْتَ مَيْمُونَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،

فَأُتِيَ بِضَبٍّ محَنُوذٍ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَسُوُل الله - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ، فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ: أَخْبِرُوا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، فَقِيلَ: هُوَ ضَبٌّ يَا رَسُولَ الله، فَرَفَعَ يَدَهُ، فَقُلْتُ: أَحَرَامٌ هُوَ، يَا رَسُولَ الله؟ فَقَالَ: "لَا، وَلَكِنَه لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمي، فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ، قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكلْتُهُ، وَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ". (٤) فربما من رأى خالد يأكل والنبي لا يأكل بأن ذلك سوء إتباع للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن أَبا أَيُّوبَ حدث له موقفًا يُشبه موقف خالد فَعندما قِيلَ لأبي أيوب: لَمْ يَأْكُلْ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الثوم، فَفَزعَ، وَصَعِدَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَحَرَامٌ هُوَ" فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا،


(١) أخرجه أحمد (٣/ ٤٨٨، ٤/ ٣٤٦)، وأبو داود (٢٦٦٩)، وابن ماجه (٢٨٤٢)، والنَّسائي في الكبرى (٨٥٧١)، وحسنه الألباني في إرواء الغليل (٥/ ٣٥).
(٢) البُخَارِي (٧١٨٩).
(٣) البداية والنهاية (٦/ ٣٥٥).
(٤) البُخَارِي (٥٢١٧)، ومسلم (١٩٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>