للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَشَرَعَتْ فِيهِ، فَشَرِبَتْ صَفْوَهُ، وَتركَتْ كَدرَهُ، فَصَفْوُهُ لَكُمْ، وَكَدْرُهُ عَلَيْهِمْ". (١)

قال النووي: هذه القضية جرت في غزوة مؤتة سنة ثمَان كما بينه في الرواية التي بعد هذه، وهذا الحديث قد يستشكل من حيث أن القاتل قد استحق السلب، فكيف منعه إياه؟ ويجاب عنه بوجهين:

أحدهما: لعله أعطاه بعد ذلك للقاتل، وإنما أخره تعزيرًا له، ولعوف بن مالك لكونهما أطلقا ألسنتهما في خالد - رضي الله عنه - وانتهكا حرمة الوالي ومن ولاه.

الوجه الثاني: لعله استطاب قلب صاحبه فتركه صاحبه باختياره وجعله للمسلمين، وكان المقصود بذلك استطابة قلب خالد - رضي الله عنه - للمصلحة في إكرام الأمراء. (٢)

٢ - وفي أمر المرأة التي زنت وتابت: بأنهَّ أَمَرَ بِهَا فَحُفِرَ لَهَا إِلَى صَدْرِهَا، وَأَمَرَ النَّاسَ فَرَجَمُوهَا، فَيُقْبِلُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِحَجَرٍ، فَرَمَى رَأْسَهَا، فَتَنَضَّحَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِ خَالِدٍ، فَسَبَّهَا، فَسَمِعَ نَبِيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - سَبَّهُ إِيَّاهَا، فَقَالَ: مَهْلًا يَا خَالِدُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً، لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا وَدُفِنَتْ. (٣)

٣ - عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ، قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَمَّارٍ كَلَامٌ، فَأَغْلَظْتُ لَهُ فِي الْقَوْلِ، فَانْطَلَقَ عَمَّارٌ يَشْكُو خَالِدًا إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَجَاءَ خَالِدٌ وَعَمَّار يَشْكُوَانِ، فَجَعَلَ يُغْلِظُ لَهُ، وَلَا يَزِيدُهُ إِلَّا غِلْظَةً، وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاكِتٌ، فَبَكَى عَمَّارٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَلَا تَرَاهُ؟ قَالَ: فَرَفَعَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - رَأْسهُ، قَالَ: "مَنْ عَادَى عَمَّارًا عَادَاهُ الله، وَمَنْ أَبْغَضَ عمارًا أَبْغَضَهُ الله". قَالَ خَالِدٌ: فَخَرَجْتُ فَما كَانَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ رضا عَمَّارٍ، فَلَقِيتُهُ فَرَضِيَ. (٤)

٤ - عَنِ الْمرَقَّعِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ جَدِّهِ رَبَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ، أَخِي حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ؛ أنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ، فَمَرَّ رَبَاحٌ،


(١) مسلم (٤٥٩١).
(٢) شرح مسلم للنووي (١٢/ ٦٤).
(٣) مسلم (٤٤٥١).
(٤) أخرجه أحمد (٤/ ٨٩)، والنَّسَائِي في الكبرى (٨٢١١)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٦٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>