السبب في ذلك انحراف المسلمين عما سنه الإسلام من نظم في شئون التربية والتعليم. وإذا كانت الأمم الإسلامية قد اتجهت في العصر الحاضر إلى تربية البنت وتثقيفها، فإنها بذلك لم تأت بدعًا من العمل في تاريخها، وإنما أحيت سنة صالحة سنها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأخذ بها الخلفاء والأمراء من بعده.
[الوجه الثامن: المسئولية التي كلفت بها المرأة المسلمة تستوجب عليها أن تكون طالبة علم.]
يقول ابن حزم: ويجبر الإمام أزواج النساء وسادات الأرقاء على تعليمهن ما ذكرنا -يعني الطهارة والصلاة والصيام وما يحل وما يحرم من المآكل والمشارب والملابس والفروج والدماء والأقوال والأعمال- إما بأنفسهم وأما بالإباحة لهم لقاء من يعلمهن، وفرض على الإمام أن يأخذ الناس بذلك، وأن يرتب أقواما لتعليم الجهال (١).
هذا هو الحد الأدني الذي ينبغي توفيره في التعليم، والمسئول عن كفالة حق التعليم للفرد رجلا كان أو امرأة، حرا كان أو عبدًا هي الدولة. وأكثر من هذا، فقد جعل الإسلام للمرأة الحق في أن تخرج طلبا للعلم الذي يجب عليها أن تعلمه أن كانت جاهلة ولم يعلمها زوجها، ذلك أن الإسلام كلف المرأة ببعض المسئوليات، ودعاها في الوقت نفسه إلى طلب العلم؛ لتتمكن من القيام بمسئولياتها على خير ما يرام.
ومن أوائل ما دعا الإسلام المرأة كلف المرأة ببعض المسئوليات، ودعاها في الوقت نفسه إلى طلب العلم لتتمكن من القيام بمسئولياتها على خير ما يرام. ومن أوائل ما دعا الإسلام المرأة إلى معرفته هو الحلال والحرام في سائر التصرفات. ومعرفة العقائد والعبادات والأخلاق الفاضلة وتهذيب النفوس. وقد أمر اللَّه المؤمنين والمؤمنات معا أن يقوا أنفسهم وأهليهم النار فقال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا}(التحريم: ٦) ولا يمكن أن يقوم الرجل أو المرأة بالوقاية ما لم يكن كلاهما قد تعلم كي يستطيع وقاية نفسه وغيره. وحكم