للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن المعروف أن الأسماء لا تترجم إلى اللغة التي تستعملها حتى الآن. فالمتحدث بالإنجليزية، إذا احتاج إلى ذكر اسم من لغة غير لغته، يذكره برسمه ونطقه في لغته الأصلية، ومن هذا ما نسمعه الآن في نشرات الأخبار باللغات الأجنبية في مصر، فإنها تنطق الأسماء العربية نُطقًا عربيَّا. ولا يقال: إن نشرة الأخبار ليست باللغة الفرنسية أو الإنجليزية مثلًا، لمجرد أن بعض المفردات فيها نطقت بلغة أخرى.

فالكلمات اليسيرة بغير العربية لا تخرجه عن كونه عربيًا، والقصيدة الفارسية لا تخرج عنها بلفظة فيها عربية.

وأجاب القائلون بذلك عن قوله تعالى: {أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} بأن المعنى من السياق: أكلام أعجمي ومخاطب عربي؟ واستدلوا باتفاق النحاة على أن منع صرف نحو إبراهيم للعلمية والعجمة. ورُد هذا الاستدلال بأن الأعلام ليست محل خلاف، فالكلام في غيرها موجه بأنه إذا اتفق على وقوع الأعلام فلا مانع من وقوع الأجناس، وأقوى ما رأيته للوقوع وهو اختياري ما أخرجه ابن جرير بسند صحيح عن أبي ميسرة التابعي الجليل قال: في القرآن من كل لسان. (١)

الوجه الثامن: وجود عدد وإن كان نادرًا جدًا من الألفاظ ذات الأصل غير العربي، ومن مختلف اللغات القديمة، يحمل إشارة إلى عالمية الدعوة الإسلامية.

قال السيوطي: فهذه إشارة إلى أن حكمة وقوع هذه الألفاظ في القرآن أنه حوى علوم الأولين والآخرين ونبأ كل شيء، فلا بد أن تقع فيه الإشارة إلى أنواع اللغات والألسن؛ ليتم إحاطته بكل شيء، فاختير له من كل لغة أعذبها وأخفها وأكثرها استعمالا للعرب، ثم رأيت ابن النقيب صرح بذلك فقال: من خصائص القرآن على سائر كتب الله تعالى المنزلة أنها نزلت بلغة القوم الذين أنزلت عليهم، ولم ينزل فيها شيء بلغة غيرهم، والقرآن احتوى على جميع لغات العرب، وأنزل فيه بلغات غيرهم من الروم والفرس والحبشة شيء كثير. وأيضا النبي مرسل إلى كل أمة، وقد قال تعالى:


(١) الإتقان في علوم القرآن (١/ ٣٩٤)، والهذب فيما وقع في القرآن من المعرب (١/ ١)، ومباحث في علوم القرآن مناع القطان (٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>