جائر عن القصد وهي سبيل الغي وقال {هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (٤١)} [الحجر: ٤١].
وقال ابن مسعود: خط لنا رسول الله خطا وقال: هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره ثم قال: هذه سبل وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم قرأ {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} الآية.
فإن قيل: قد قال الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: ١٥، ١٦] قيل: هي سبل تجمع في سبيل واحد، وهي بمنزلة الجواد والطرق في الطريق الأعظم فهذه هي شعب الإيمان يجمعها الإيمان وهو شعبة، كما يجمع ساق الشجرة أغصانها وشعبها، وهذه السبل هي إجابة داعي الله بتصديق خبره وطاعة أمره وطريق الجنة هي إجابة الداعي إليها ليس إلا.
وعن جابر قال:"جَاءَتْ مَلَائِكَةٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهْوَ نَائِمٌ فَقَال بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِم. وَقَال بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَة وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ. فَقَالوا: إِنَّ لِصاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلًا فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا. فَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِم. وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ. فَقَالوا مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا، وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً وَبَعَثَ دَاعِيًا، فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِىَ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَلَ مِنَ المأدُبَةِ، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّاعِىَ لَمْ يَدْخُلِ الدَّارَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ المأدُبَةِ. فَقَالوا: أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهْهَا. فَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِم. وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَة وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ. فَقَالوا: فَالدَّارُ الْجَنَّةُ، وَالدَّاعِى مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم- فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- فَقَدْ أَطَاعَ الله، وَمَنْ عَصىَ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- فَقَدْ عَصىَ الله، وَمُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم- فَرْق بَيْنَ النَّاسِ"(١).
[بيان وجود الجنة وأنها مخلوقة.]
قال الطحاوي: والجنة والنار مخلوقتان، لا تفنيان أبدًا ولا تبيدان، فإن الله تعالى خلق الجنة والنار قبل الخلق، وخلق لهما أهلًا، فمن شاء منهم إلى الجنة فضلًا منه، ومن شاء