الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقال عنها كانت سيئة الأخلاق معه، لا جرم، فقد تنكر العين ضوء الشمس من رمد، وينكر الفم طعم الماء من سقم!
[المحور الثاني: الروايات التي أوهمت القوم ما ذهبوا اليه من الطعن في السيدة عائشة من هذه الناحية.]
الحديث الأول: عن عائشة أنها قالت: وكان متاعي فيه خف وكان على جمل ناج وكان متاع صفية فيه ثقل وكان على جمل ثقال بطئ يتبطأ بالركب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حولوا متاع عائشة على جمل صفية وحولوا متاع صفية على جمل عائشة حتى يمضي الركب"، قالت عائشة: فلما رأيت ذلك قلت: يا لعباد الله! غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله! قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أم عبد الله، إن متاعك كان فيه خف وكان متاع صفية فيه ثقل فأبطأ بالركب فحولنا متاعها على بعيرك وحولنا متاعك على بعيرها، قالت: فقلت: ألست تزعم أنك رسول الله، قالت: فتبسم قال: "أو في شك أنت يا أم عبد الله"؟ قالت: قلت: ألست تزعم إنك رسول الله؟ أفهلا عدلت؟ وسمعني أبو بكر وكان فيه غرب - أي حدة - فأقبل علي فلطم وجهي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مهلًا يا أبا بكر"، فقال: يا رسول الله أما سمعت ما قالت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الغيرى لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه". (١)
والجواب عليه من وجوه:
الوجه الأول: أن الحديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به.
قال البوصيري في إتحاف المهرة (٣/ ٤٣): رواه أبو يعلى بسند ضعيف، لتدليس ابن إسحاق.
الوجه الثاني: ولو صح فإن الذي ترويه هي عائشة - رضي الله عنها - فهي تعترف أن هذا خطأ وتابت منه وتاب الله عليها ولو كانت كما يقولون لا روته فالأولى عند صحة هذا الحديث أن يوضع في
(١) ضعيف. أخرجه أبو يعلى في المسند (٤٦٥١)، وابن حيان في الأمثال (٥٦) وفيه محمد بن اسحاق مدلس وقد عنعن، وفيه سلمة بن الفضل قاضي الري صدوق كثير الخطأ. التقريب (٢٥٠٥)، وقال البخاريُّ: عنده مناكير وفيه نظر. الضعفاء الصغير (١/ ٥٥)، قال الألباني في (الضعيفة: ٢٩٨٥): قلت: وهذا سند ضعيف؛ وفيه علتان: الأولى: عنعنة ابن إسحاق، فقد كان يدلس. والأخرى: ضعف سلمة بن الفضل - وهو الأبرش - قال الحافظ في التقريب (١/ ٢٢١): صدوق كثير الخطأ. والمتن فيه نكارة ظاهرة كما في قول عائشة: "؟ ألست تزعم أنك رسول الله ... "، والحديث ضعفه البوصيري في الإتحاف (٣١٩٠).