أما الحرام فالممات دونه * والحل لا حل فأستبينه* فكيف بالأمر الذي تنوينه؟
ثم مضى إلى امرأته آمنة بنت وهب فكان معها، ثم ذكر الخثعمية وجمالها وما عرضت عليه، فأقبل إليها فلم ير منها من الإقبال عليه آخرًا كما رآه منها أولا، فقال: هل لك فيما قلت لي؟ فقالت: قد كان ذاك مرة، فاليوم لا، فذهبت مثلا، وقالت: أي شيء صنعت بعدي؟ قال: وقعت على زوجتي آمنة بنت وهب قالت: إني والله لست بصاحبة ريبة، ولكني رأيت نور النبوة في وجهك، فأردت أن يكون في وأبى الله إلا أن يجعله حيث جعله.
قال: وأخبرنا وهب بن جرير بن حازم، أخبرنا أبي، قال: سمعت أبا يزيد المدني، قال: نبئت أن عبد الله أبا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى على امرأة من خثعم فرأت بين عينيه نورًا ساطعًا إلى السماء، فقالت: هل لك في، قال: نعم حتى أرمي الجمرة، فأنطلق فرمى الجمرة ثم أتى امرأته آمنة بنت وهب ثم ذكر يعني الخثعمية فأتاها، فقالت: هل أتيت امرأة بعدي، قال: نعم امرأتي آمنة بنت وهب، قالت: فلا حاجة لي فيك أنك مررت وبين عينيك نور ساطع إلى السماء، فلما وقعت عليها ذهب، فأخبرها أنها قد حملت خير أهل الأرض. (١)
[٣ - تحقيق قول أم النبي - صلى الله عليه وسلم - (ما رأيت من حمل أخف علي منه)]
قال ابن إسحاق في سيرته: حدثني جهم بن أبي جهم مولى لامرأة من بني تميم كانت عند الحارث بن حاطب فكان يقال مولى الحارث بن حاطب قال: حدثني من سمع عبد الله بن جعفر بن أبي طالب يقول: حدثت عن حليمة ابنة الحارث أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي أرضعته أنها
(١) أخرجها ابن إسحاق في السيرة (صـ ١٩)، والبيهقي في الدلائل (١ - ١٠٥) وهي تدور على الواقدي وهو متروك، وأيضا الكلبي محمد بن السائب متهم بالكذب وهو متروك، فالقصة من كل الوجوه لا تصح، فهي من نسج الكاذبين حكاية حول عبد الله أرادوا بها المبالغة بإضفاء طابع أسطوري على المولد النبوي، فادعوا أن بغيًا، ومرة امرأة مستبضعة، وثالثة كاهنة، ورابعة: زوجة ثانية لعبد الله دعت عبد الله إلى نفسها. .، وهذه الرواية منكرة سندًا ومتنًا، ومن يقرأ الروايات المختلفة عنها يدرك مدى الاختلاف والاضطراب في سياقها سواء في تعيين المرأة، إذ مرة هي خثعمية، وأخرى أسدية قرشية اسمها قتيلة، وثالثة هي عدوية اسمها ليلى، وكذلك في صفة عبد الله عندما التقته فمرة هو مطين الثياب وأخرى وهو في زينته؛ ومثل هذا الاختلاف لا تقوم به حجة. السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري (١/ ٩٤، ٩٥).