للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيفعلون المعجزات، ويزعمون أنهم يصنعونها باسم المسيح. فقد ذكر متى أن المسيح قال: "ليس كل من يقول لي: يا رب يا رب، يدخل ملكوت السماوات، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات، كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين، وباسمك صنعنا قوات كثيرة، فحينئذ أصرح لهم: إني لم أعرفكم قط، اذهبوا عني يا فاعلي الإثم" (متى ٧/ ٢١ - ٢٣)، فهؤلاء المنافقون الكذبة قدروا على فعل المعجزات، ولم تدل على صلاحهم وإيمانهم، فضلًا عن نبوتهم وألوهيتهم.

وأيضًا إنسان الخطيئة يصنع الكثير من المعجزات والعجائب، من غير أن يعني ذلك صدقه أو ألوهيته، إذ يصنعها بعون الشيطان وقوته، يقول عنه بولس: "الذي مجيئه بعمل الشيطان، بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة" (تسالونيكي (٢) ٢/ ٩).

[الوجه السابع: استدلال النصارى بآيات من القران على ألوهية المسيح]

وهي عبارة عن دعاوى وشبهات يرون فيها أن القرآن يشهد لألوهية المسيح:

فالادعاء الأول، هو: أن ضمائر الجمع التي تكلم الله بها عن نفسه في القرآن؛ تدل على ألوهية المسيح - عليه السلام - لأنها - بزعمهم - تدل على أن الإله ثلاثة أشخاص منهم: المسيح - عليه السلام - (فقد كان نصارى نجران يقولون عن عيسى - عليه السلام -: هو الله، ويقولون: هو ولد الله، ويقولون: هو ثالث ثلاثة، ويحتجون بأنه ثالث ثلاثة بقول الله: فعلنا، وأمرنا، وخلقنا وقضينا فيقولون: لو كان الله واحدا ما قال إلا فعلت، وقضيت وأمرت وخلقت ولكنه هو وعيسى ومريم) (١)، كما احتجوا على الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ} [الحجر: ٩].

قالوا: وهذا يدل على أنهم ثلاثة) (٢).

كذلك ردد عبد المسيح الكندي هذا الزعم حيث يقول - مخاطبًا عبد الله الهاشمي: "وفي كتابك أيضًا شبيه بما ذكرنا من قول موسى، ودانيال عن الله تعالى: فعلنا، وخلقنا،


(١) ابن هشام: "السيرة النبوية" ١/ ٥٧٥.
(٢) انظر: ابن تيمية "الجواب الصحيح" ٣/ ٤٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>