للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حفنةً من تراب، وقال: شاهتِ الوجوهُ، وقال: حم لا يبصرون فتفرّقوا عنه. وهذا دفع إلهي وثق به من الله تعالى فصبر عليه حتى وقاه الله، وكان من أقوى شاهد على صدقه. (١)

[٣ - معمر بن يزيد يحاول قتل النبي - صلى الله عليه وسلم -]

ومما يثبت عصمته - صلى الله عليه وسلم - من القتل، أن معمر بن يزيد، وكان أشجعَ قومه، استغاثت به قريش، وشكوا إليه أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت بنو كنانة تصدر عن رأيه، وتطيع أمره فلما شكوا إليه قال لهم: إني قادم إلى ثلاث وأريحكم منه، وعندي عشرون ألف مدجّج فلا أرى هذا الحيّ من بني هاشم يقدر على حربي وإن سألوني الدّية أعطيتهم عشر ديَات ففي مالي سعة، وكان يتقلّد بسيف طوله سبعة أشبار في عرض شبر وقصته في العرب مشهورة بالشجاعة والبأس، فلبس يوم وعده قريشًا سلاحَه وظاهر بين دِرعين، فوافقهم بالحطيم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحِجر يصلّي، وقد عرف ذلك فما التفت ولا تزَعزع ولا قصَّر في صلاة، فقيل له: هذا محمد ساجدٌ، فأهوى إليه وقد سلّ سيفه وأقبل نحوه، فلما دنا منه رمى بسيفه وعاد، فلما صار إلى باب الصفا عثر في درعه فسقط فقام وقد أدمى وجهه بالحجارة يعدو كأشد العدْوِ حتى بلغ البطحاء ما يلتفت إلى خلْف، فاجتمعوا وغسلوا عن وجهه الدم، وقالوا ماذا أصابك؟ ، قال: ويحكم المغرور من غرّرتموه. قالوا ما شأنك؟ قال: ما رأيت كاليوم دَعوني ترجعْ إليَّ نفسي فتركوه ساعة، وقالوا: ما أصابك يا أبا الليث؟ قال: إنّي لما دنوت من محمّد فأردت أن أهوي بسيفي إليه، أهوي إليّ من عند رأسه شُجاعان أقرعان ينفخان بالنيران، وتلمع فيَّ أبصارُهما، فعدَوْت فما كنت لأعود في شيء من مساءة محمد - صلى الله عليه وسلم -. (٢)

[٤ - كلدة بن أسد يحاول قتل النبي - صلى الله عليه وسلم -]

ولقد خاطر قريشًا يومًا في قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعظموا له الخطر إن هو كفاهم فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطريق يريد المسجد ما بين دار عقيل وعقال، فجاء كلدة ومعه المزراق،


(١) انظر: أعلام النبوة للماوردي صـ ١٠٠.
(٢) المصدر السابق (١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>