للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يعرفون ما يعرف هو من خاصة أمره، فتعين أن يكون بين عينيه خسارة مال، إن أراد فك النظم؛ لئلا يجتريءَ على ذلك إلا عند حاجه لا يجد منها بدًا، فكان هذا نوعا من التوطين، وأيضا فلا يظهر الاهتمام بالنكاح؛ إلا بمال يكون عوض البضع، فإن الناس لما تشاحوا بالأموال شحا لم يتشاحوا به في غيرها، كان الاهتمام لا يتم ببذلها، وبالاهتمام تقر أعين الأولياء، حين يتملك هو فلذة أكبادهم، وبه يتحقق التمييز بين النكاح السفاح، وهو قوله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} (النساء: ٢٤) (١).

٢ - الكفاءة: قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه، فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" قالوا يا رسول الله: وإن كان فيه فقال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات" (٢). وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لبني بياضة: "أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه، وكان حجامًا" (٣).

وتزوج بلال بن رباح - رضي الله عنه - بأخت عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -، وقد قال الله تعالى:

{وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ}، وقال تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}. فالذي يقتضيه حكمه - صلى الله عليه وسلم -: اعتبار الدين في الكفاءة أصلًا وكمالًا؛ فلا تزوج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر، ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمرًا وراء ذلك، فإنه حرم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث ولم يعتبر نسبًا ولا صناعة ولا غنى ولا حرية، فجوّز للعبد القن، نكاح الحرة النسيبة الغنية؛ إذا كان عفيفا مسلما، وجوز لغير القرشيين نكاح القرشيات، ولغير الهاشميين نكاح الهاشميات، وللفقراء نكاح الموسرات (٤).

٣ - حرية المرأة في اختيار الزوج: فلا ينكح الأب وغيره، البكر والثيب إلا برضاهما


(١) حجة الله البالغة (٢/ ٢٣٤).
(٢) الترمذي (١٠٨٥) وقال: حسن غريب، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (١٦٦٨).
(٣) أخرجه الترمذي (١٠٨٥) وقال حسن غريب، وراجع السلسلة الصحيحة (٢٤٤٦).
(٤) زاد المعاد (٥/ ١٥٩ - ١٦٠)، وراجع فتاوى ابن تيمية (٣٢/ ٥٧)، وفتح الباري (٩/ ٣٤ - ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>