للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاستنكف منه، فكيف يجوز إسنادها إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - المؤيد بالمعجزات القاهرة الباهرة (١)؟ ! ! !

الدليل السابع: ونقول: هب ان هذه الآية وهي قوله: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ} لا تدل على نفي هذه المعصية عنه، إلا أنه لا شك أنها تفيد المدح العظيم والثناء البالغ، فلا يليق بحكمة الله تعالى أن يحكي عن إنسان إقدامه على معصية عظيمة، ثم إنه يمدحه ويثني عليه بأعظم المدائح والأثنية عقيب أن حكي عنه ذلك الذنب العظيم، فإنه مثاله ما إذا حكى السلطان عن بعض عبيده أقبح الذنوب وأفحش الأعمال ثم إنه يذكره بالمدح العظيم والثناء البالغ عقيبه، فإن ذلك يستنكر جدًّا، فكذا ها هنا، والله أعلم (٢).

[الوجه الرابع: مقارنة بين نص القصة في التوراة والقرآن.]

أولًا: نص القصة في التوراة:

(وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّ امْرَأَةَ سَيِّدِهِ رَفَعَتْ عَيْنَيْهَا إِلَى يُوسُفَ وَقَالَتِ: "اضْطَجعْ مَعِي". ٨ فَأَبَى وَقَالَ لامْرَأَةِ سَيِّدِهِ: "هُوَ ذَا سَيِّدِي لَا يَعْرِفُ مَعِي مَا فِي الْبَيْتِ، وَكُلُّ مَا لَهُ قَدْ دَفَعَهُ إِلَى يَدِي. ٩ لَيْسَ هُوَ فِي هذَا الْبَيْتِ أَعْظَمَ مِنِّي. وَلَمْ يُمْسِكْ عَنِّي شَيْئًا غَيْرَكِ، لأَنَّكِ امْرَأَتُهُ. فكَيْفَ أَصْنَعُ هذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى الله؟ ". ١٠ وَكَانَ إِذْ كَلَّمَتْ يُوسُفَ يَوْمًا فَيَوْمًا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ لَهَا أَنْ يَضْطَجعَ بِجَانِبِهَا لِيَكُونَ مَعَهَا. ١١ ثُمَّ حَدَثَ نَحْوَ هذَا الْوَقْتِ أَنَّهُ دَخَلَ الْبَيْتَ لِيَعْمَلَ عَمَلَهُ، وَلَمْ يَكُنْ إِنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ هُنَاكَ فِي الْبَيْتِ. ١٢ فَأَمْسَكَتْهُ بِثَوْبِهِ قَائِلَةً: "اضْطَجعْ مَعِي! ". فَتَرَكَ ثَوْبَهُ فِي يَدِهَا وَهَرَبَ وَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ. ١٣ وَكَانَ لمَّا رَأَتْ أَنَّهُ تَرَكَ ثَوْبَهُ فِي يَدِهَا وَهَرَبَ إِلَى خَارِجٍ، ١٤ أَنَّهَا نَادَتْ أَهْلَ بَيْتِهَا، وَكَلَّمَتهُمْ قَائِلةً: "انْظُرُوا! قَدْ جَاءَ إِلَيْنَا بِرَجُل عِبْرَانِيٍّ لِيُدَاعِبَنَا! دَخَلَ إِلَيَّ لِيَضْطَجعَ مَعِي، فَصَرَخْتُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ. ١٥


(١) التفسير الكبير للرازي (١٨/ ١١٥).
(٢) التفسير الكبير للرازي (١٨/ ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>