للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقرأ في القرآن الآيات التي استشكلها ولم يعرج على الآيات التي تجيب عنها. (١)

[الوجه الثامن: وماذا عن الكتاب المقدس.]

ففي الكتاب المقدس عبارات كثيرة من نوع الآية القرآنية التي بين أيدينا، فنراه قد أوغل في مضمار الاستخدامات المجازية، ومن الشواهد على هذا الكلام:

أَمَا هُمَا فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ، وَرَاءَ طَرِيقِ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي أَرْضِ الْكَنْعَانِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي الْعَرَبَةِ، مُقَابِلَ الْجِلْجَالِ، بِجَانِبِ بَلُّوطَاتِ مُورَةَ؟ (قضاة ٥: ٣١).

هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا أُقِيمُ عَلَيْكَ الشَّرَّ مِنْ بَيْتِكَ، وَآخُذُ نِسَاءَكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبِكَ، فَيَضْطَجعُ مَعَ نِسَائِكَ فِي عَيْنِ هذِهِ الشَّمْسِ (صموئيل: ٢/ ١٢: ١١) (قُدَّامَ الشَّمْسِ يَمْتَدُّ اسْمُهُ) (مزامير ٧٢: ١٧)، (ثُمَّ رَجَعْتُ وَرَأَيْتُ كُلَّ الْمَظَالِمِ الَّتِي تُجْرَى تَحْتَ الشَّمْسِ) (الجامعة ٤/ ١)، (وَفَسَدَتِ الأَرْضُ أَمَامَ الله، وَامْتَلأَتِ الأَرْضُ ظُلْمًا) (تكوين ٦: ١١)، (وَأُدْخِلُكُمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي رَفَعْتُ يَدِي أَنْ أُعْطِيَهَا لإِبْرَاهِيمَ) (خروج ٦: ٨)، (دَوْرٌ يَمْضِي وَدَوْرٌ يَجِيءُ، وَالأَرْضُ قَائِمَةٌ إِلَى الأَبَدِ) (جامعة ١: ٤).

ومن الواضح أن هذا كله على خلاف الواقع وينبغي ألا يأخذه القارئ مأخذًا حرفيًا، إلا لم يكن للكلام معنى، فمثلًا ليس هناك للشمس تحت ولا فوق، وإنما هو تعبير بشري، فنحن أينما كنا على الأرض نتصور أن الشمس فوقنا، ومن ثم فنحن تحتها، على حين أنه لو كان الأمر كذلك لكان ينبغي إذن أن نكون فوق الشمس بعد ستة أشهر من ذلك حين تدور الأرض نصف دورتها السنوية، وهذا لا يصير، كذلك فليس للشمس عين ولا أذن ولا أنف أصلًا حتى نكون أو لا نكون في عينها، كما أنها ليس لها طريق تسير فيه الأرض، ودعك من أننا يمكن أن نسير فيه نحن.

وبالنسبة لقول هابيل إنه هرب في الأرض فهو مجرد تعبير بشري، وإلا فقولنا: في الأرض، إنما يعني حرفيًا داخل الأرض وهو ما لا يقصده قابيل ولا أي إنسان آخر في مثل موضعه، وهكذا.

* * *


(١) (لا يأتيه الباطل) لمحمد سعيد البوطي (٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>