للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يهوى عائشة فانتقم منها، أو يهوى حمنة فاستهوته فهذا لا يوجد في مجتمع الصحابة - رضي الله عنه -. فضلا عن كونه دعوى بلا برهان.

قال الذهبي رحمه الله: إياك يا جري أن تنظر إلى هذا البدري شزرًا لهفوة بدت منه، فإنها قد غفرت، وهو من أهل الجنة. هاياك يا رافضي أن تلوح بقذف أم المؤمنين بعد نزول النص في براءتها فتجب لك النار. (١)

وقد اعتذر مسطح - رضي الله عنه - ذلك كما قال ابن الجوزي: فجاء مسطح فاعتذر وقال: إنما كنت أغشى مجالس حسان فأسمع ولا أقول. فقال له أبو بكر: لقد ضحكت وشاركت. وكفر على يمينه في عدم النفقة عليه، فأنزل الله الآية. وفيها وصفه بأنه من المهاجرين. (٢)

وقال أيضًا: وقد كان، في أصحاب الإفك قوم مسلمون ولكنهم خاضوا حبًا للفتنة. (٣)

سابع عشر: ثم نسج الكاتب من خياله ما سماه الظروف المحيطة بحادث الإفك.

وصاغ منها أمرين:

الأول منها: أن هذا الحادث كان انتقامًا للأنصار من المهاجرين بعد المشادة التي جرت بين غلام الأنصار وغلام المهاجرين.

الثاني: انتقام عائشة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأنه تزوج عليها قبل الغزوة زينب بنت جحش وبعدها جويرية بنت الحارث. ففعلت ذلك انتقامًا منه.

وإليك بيان وهم المعترض في هذا الخيال الذي انتزعه من بيئته التي يعيش فيها، وهذه آفته فيما يكتب عصر وجيل الصحابة - رضي الله عنهم -:

أولًا: وكما هو واضح أن هذا الكاتب لم يفرق بين المنافقين أو المعارضين على حد تعبيره وبين الأنصار. ولذلك نظمهم في سلك واحد عندما عبر بقوله: إن حادث الإفك كان انتقامًا للأنصار من المهاجرين بعد الواقعة التي جرت بين المهاجري والأنصاري.


(١) سير أعلام النبلاء (٣/ ١٢٠).
(٢) تفسير القرطبي (١٢/ ١٨٥).
(٣) تفسير القرطبي (١٤/ ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>