حجاج بن دينار عن أبي عثمان عن محمد بن سيرين، عن عبيدة بن عمرو قال: جاء الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن إلى أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- فقالا: يا خليفة رسول اللَّه، إن عندنا أرضًا سبخة ليس فيها كلأ ولا منفعة فإن رأيت أن تقطعناها، فأجابهما وكتب لهما، وأشهد القوم وعمر ليس فيهم، فانطلقا إلى عمر ليشهداه فيه، فتناول الكتاب وتفل فيه ومحاه فتذمرا له وقالا له مقالة سيئة، فقال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يتألفكما والإسلام يومئذ قليل، إن اللَّه قد أعز الإسلام، اذهبا فاجهدا علي جهدكما لا رعى اللَّه عليكما إن رعيتما، فأقبلا إلى أبي بكر وهما يتذمران فقالا: ما ندري واللَّه أنت الخليفة أو عمر، فقال: لا، بل هو لو كان شاء، فجاء عمر وهو مغضب حتى وقف على أبي بكر، فقال: أخبرني عن هذا الذي أقطعتهما أرض هي لك خاصة أو للمسلمين عامة؟ قال: بل للمسلمين عامة قال: فما حملك على أن تخص بها هذين، قال: استشرت الذين حولي فأشاروا علي بذلك، وقد قلت لك إنك أقوى على هذا مني فغلبتني.
وقرأت في كتاب الأم للشافعي في باب من كتاب الزكاة: أن عمر قتل عيينة بن حصن على الردة ولم أرَ من ذكر ذلك غيره، فإن كان محفوظا فلا يذكر عيينة في الصحابة، لكن يحتمل أن يكون أمر بقتله فبادر إلى الإسلام فترك فعاش إلى خلافة عثمان، واللَّه أعلم.
[الوجه الخامس]
أنه لم يحدث أن طلب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثل هذا من أحد أصحابه، ولا عرضه عليه أحد ولا حدث بين أصحابه رضي اللَّه عنهم. وهذا هو الإسلام في القرن الخامس عشر ولم يقل أحد من أهل العلم بجواز ذلك، فكيف يحتج على الإسلام بفعل جماعة من السفهاء أو رواية لا تصح، وهي مع ذلك أُسيء فهمها لأنها علي فرض الصحة لا تدل على جواز مثل هذا في دين الإسلام.
وأما قولهم بأن جماعة من المسلمين يبيحون تبادل الزوجات فهذا منتسب مجرم يعاقب علي إجرامه، ولا تنسب جريمته إلى الإسلام الذي حرم هذا وأوجب العقوبة عليه بأشد أنواع القتل؛ وهي الرجم؛ لأن هذا الفعل في ميزان الإسلام زنا وهذا الزاني محصن وحده الرجم حتى الموت.