وهذا النص الأخير لا يقال فيه: إننا علمنا هذا الفضل بإخبار الشيطان؛ لأنه لولا إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله:"إما إنه صدقك وهو كذوب" ما عد ذلك دليلًا يستخرج منه فضل يعمل المسلمون من أجل أن ينالوه.
[الوجه الثاني: وهل الإخبار عن التجربة يقال فيه: إن الشيطان جاء بالوحي؟]
مما سبق من النصوص يلزمنا أن نُسَلِّمَ أولًا أن فضل آية الكرسي، واعتقاد أنها أعظمُ آية في القرآن العظيم ثبت من كلام أمين مَنْ في السماء - عليه السلام - لأمين من في الأرض - صلى الله عليه وسلم -، ثم نقول ثانيًا: إن إخبار الشيطان عن هذا الفضل أمرٌ لا سبيل له أن يعلمه إلا بالتجربة.
فالصحابة معلوم حرصهم على كثرة تلاوة كتاب الله - عز وجل - وخصوصًا الآيات التي ثبت لها فضل، وهذا معناه أن يمروا على آية الكرسي في القراءة كثيرًا، فينزل الملك بمجرد قراءتها، والشيطان يرى ذلك فيعلم، ثم هو في هذا النص يخبر. فأين العجب هنا؟ فهل كل صاحبِ علمٍ عن تجربةٍ يقال عنه: إنه يوحَى إليه، أو إنه للغيب عالمٌ! !
[الوجه الثالث: هذا فضل لا يثبت.]
الفضل الذي جاء في النص الذي استدل به المعترض ليس لدينا ما يثبته بهذه الصورة، ولولا أنه ثبت من النصوص الآتية ما أثبتناه؛ وذلك لأن النص الذي استَدَلَّ به المعترض ضعيفٌ.
وبيان ذلك فيما يلي:
١ - جاء من طريق عامر الشعبي عن ابن مسعود عند الدارمي (٣٣٨١) والطبراني في