للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب عليه من هذه الوجوه:

[الوجه الأول: سياق الآية يرد هذا القول.]

قال تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} (النساء: ٢٤)، ولا شك أن هذا في النكاح الشرعي بدليل قوله سبحانه وتعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}.

قال ابن العربي: قَوْله تَعَالَى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ}: يَعْنِي بِالنِّكَاحِ أَوْ بِالشِّرَاءِ، فَأَبَاحَ اللَّه الْحَكِيمُ الْفُرُوجَ بِالْأَمْوَالِ وَالْإِحْصَانِ دُونَ السِّفَاحِ وَهُوَ الزِّنَا؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الصَّدَاقِ فِي النِّكَاحِ، لَكِنْ رُخِّصَ فِي جَوَازِ السُّكُوتِ عَنْهُ عِنْدَ الْعَقْدِ (١).

قال ابن عاشور: قوله: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} يجوز أن يكون بدل اشتمال من (ما) باعتبار كون الموصول مفعولًا لـ {أَحَلَّ}، والتقدير: أن تبتغوهنّ بأموالكم؛ فإنّ النساء المبَاحات لا تحلّ إلّا بعد العقد وإعطاء المهور؛ فالعقد هو مدلول {تَبْتَغُوا}، وبذل المهر هو مدلول {بِأَمْوَالِكُمْ}، ورابط الجملة محذوف: تقديره أن تبتغوه، والاشتمال هنا كالاشتمال في قول النابغة:

مخافة عمرو أن تكون جياده ... يقدن إلينا بين حاف وناعل

ويجوز أن يجعل {أَنْ تَبْتَغُوا} معمولًا للام التعليل محذوفةٍ، أي: أحَلَّهن لتبتغوهنّ بأموالكم، والمقصود هو عين ما قرّر في الوجه الأول (٢).

[الطريق الرابع: قالوا: إن لفظة "الاستمتاع" يراد بها نكاح المتعة أو الزواج المؤقت.]

والجواب عليه من هذه الوجوه:

الوجه الأول: معنى الاستمتاع في الآية.

إن أئمة اللغة قالوا: إن الاستمتاع في اللغة الانتفاع، وكل ما انتفع به فهو متاع، يقال: استمتع الرجل بولده، ويقال فيمن مات في زمان شبابه: لم يتمتع بشبابه، قال تعالى عن


(١) أحكام القرآن (١/ ٣٨٧)، وزاد المسير (٢/ ٥٢)، وتفسير القرطبي (٥/ ١٣٣).
(٢) التحرير والتنوير (٥/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>