للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآجَامَ، ١٦ وَأُسَيِّرُ الْعُمْيَ فِي طَرِيق لَمْ يَعْرِفُوهَا. فِي مَسَالِكَ لَمْ يَدْرُوهَا أُمَشِّيهِمْ. أَجْعَلُ الظُّلْمَةَ أَمَامَهُمْ نُورًا، وَالْمُعْوَجَّاتِ مُسْتَقِيمَةً. هذِهِ الأُمُورُ أَفْعَلُهَا وَلَا أَتْرُكُهُمْ. ١٧ قَدِ ارْتَدُّوا إِلَى الْوَرَاءِ. يَخْزَى خِزْيًا الْمُتَّكِلُونَ عَلَى الْمَنْحُوتَاتِ، الْقَائِلُونَ لِلْمَسْبُوكَاتِ: أَنْتُنَّ آلِهَتُنَا! ".

[التعليق على البشارة]

المقصود بقوله "أُغْنِيَةً جَدِيدَةً" عبارة عن العبادة على النهج الجديد التي هي في الشريعة المحمدية، وتعميمها على سكان أقاصي الأرض وأهل الجزائر وأهل المدن والبراري، إشارة إلى عموم نبوته - صلى الله عليه وسلم -، ولفظ "قِيدَار" أقوى إشارة إليه؛ لأن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - في أولاد قيدار بن إسماعيل.

وقوله "مِنْ رُؤُوسِ الْجِبَالِ لِيَهْتِفُوا" إشارة إلى العبادة المخصوصة التي تؤدى في أيام الحج، يصيح ألوف ألوف من الناس بلبيك اللهم لبيك.

وقوله "١٢ لِيُعْطُوا الرَّبَّ مَجْدًا وَيُخْبِرُوا بِتَسْبِيحِهِ فِي الْجَزَائِرِ." إشارة إلى الأذان يخبر به ألوف ألوف في أقطار العالم في الأوقات الخمسة بالجهر.

وقوله "١٣ الرَّبُّ كَالْجَبَّارِ يَخْرُجُ. كَرَجُلِ حُرُوبٍ يُنْهِضُ غَيْرَتَهُ" يشير إلى مضمون الجهاد إشارةً حسنةً، بأن جهاده وجهاد تابعيه يكون للهّ وبأمره، خاليًا عن حظوظ الهوى النفسانية، ولذلك عبر الله عن خروج هذا النبيّ وخروج تابعيه بخروجه، وبيَّن في الآية الرابعة عشر سبب مشروعية الجهاد وأشار في الآية السادسة عشر إلى حال العرب؛ لأنهم كانوا غير واقفين على أحكام الله، وكانوا يعبدون الأصنام، وكانوا مبتلين بأنواع الرسوم القبيحة الجاهلية، كما قال الله تعالى في حقهم: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: ٢] وقوله "وَلَا أَتْرُكُهُمْ." إشارة إلى كون أمته مرحومة {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] وإلى تأييد شريعته.

وقوله "الْمُتَّكِلُونَ عَلَى الْمَنْحُوتَاتِ، الْقَائِلُونَ لِلْمَسْبُوكَاتِ: أَنْتُنَّ آلِهَتُنَا! " وعد بأن عابدي الأصنام والأوثان كمشركي العرب وعابدي الصليب وصور القديسين يحصل لهم الخزي والهزيمة التامة، ووفَّى بما وعد. فإن مشركي العرب، وهرقل عظيم الروم، وكسرى فارس ما

<<  <  ج: ص:  >  >>