للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣)} [التوبة: ٣٣]، والله بالغ أمره ومتم نوره، فظهر، وسيبقى ظاهرًا لا يضره من خالفه حتى يأتي أمر الله (١).

[الوجه الرابع عشر: أوقات نزول القرآن على النبي - صلى الله عليه وسلم -.]

من الأدلة على أن القرآن ليس من النبي - صلى الله عليه وسلم -: أوقات نزوله؛ فليس للنبي - صلى الله عليه وسلم - اختيار فيما ينزل أو متى ينزل، فقد يأتيه وهو في الفراش مع أهله، أو وهو نائم، أو مع أصحابه، أو وهو سائر، أو على البعير، وقد يتتابع الوحي ويحمى حتى يشعر بكثرته عليه له، وقد يفتر عنه حتى يشتاق إليه، بل قد يمرض من تأخره عليه.

فقد روي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضي الله عنه -: أَنَّ الله تَعَالَى تَابَعَ عَلَى رَسُولِهِ الْوَحْيَ قَبْلَ وَفَاتِهِ حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ الْوَحْيُ ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَعْد (٢).

وعن عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - كُنَّ حِزْبَيْنِ: فَحِزْبٌ فِيهِ عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ، وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ، وَالْحِزْبُ الْآخَرُ أمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. . . الحديث، وفيه فَقَالَ: "لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ؛ فَإِنَّ الْوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ إِلَّا عَائِشَةَ" (٣).

وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتبَسِّمًا، فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ. فَقَرَأَ بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)} ثُمَّ قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ. . ." (٤).

وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لجِبْرِيلَ: "أَلَا تَزُورُنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا، قَالَ: فَنَزَلَتْ {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} الْآيَةَ (٥).


(١) النبأ العظيم (٧٢: ٧٠).
(٢) البخاري (٤٩٨٢)، ومسلم ٣٠١٦).
(٣) البخاري (٢٥٨١).
(٤) مسلم (٤٠٠).
(٥) البخاري (٣٢١٨)، للاستزادة انظر: حال النبي عند نزول الوحي في شبهة الوحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>