للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المعنى الحقيقي للبنوة فقد نطقت به الشياطين، فانتهرها المسيح، ففي إنجيل لوقا "وَكَانَتْ شَيَاطِينُ أيضًا تَخْرُجُ مِنْ كَثِيرِينَ وَهِيَ تَصْرُخُ وَتَقُولُ: "أَنْتَ المُسِيحُ ابْنُ الله! " فَانْتَهَرَهُمْ وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَتَكَلَّمُونَ، لأَنَهُمْ عَرَفُوهُ أَنَّهُ المُسِيحُ." (لوقا ٤/ ٤١)، فهو المسيح فحسب، وليس ابن الله على الحقيقة.

٥ - وبناء على هذا المعنى يرى البعض أن المقصود في العهد القديم والجديد بابن الله هو محمد - صلى الله عليه وسلم - وهي كلها بشارات بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وببعثته ولكن اليهود ومن بعدهم النصارى قاموا بعمليات تحريف في كتابهم حتى يصرفوا هذه البشارات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وحتى يجعلوها في ولد إسحاق لا في ولد إسماعيل (١).

[الوجه الثاني: هل سمى المسيح نفسه ابن الله؟]

أول ما يلفت المحققون النظر إليه أنه لم يرد عن المسيح عليه السلام في الأناجيل - تسميته لنفسه بابن الله سوى مرة واحدة في يوحنا (١٠/ ٣٦)، وفيما سوى ذلك فإن الأناجيل تذكر أن معاصريه، وتلاميذه كانوا يقولون بأنه ابن الله.

لذا فإن المحققين يشككون في صدور هذه الكلمات من المسيح عليه السلام أو تلاميذه، يقول سنجر في كتابه "قاموس الإنجيل": ليس من المتيقن أن عيسى نفسه قد استخدم ذلك التعبير". ويقول شارل جنيبر: "والنتيجة الأكيدة لدراسات الباحثين، هي: أن المسيح لم يدع قط أنه هو المسيح المنتظر، ولم يقل عن نفسه إنه ابن الله. . . فتلك لغة لم يبدأ في استخدامها سوى المسيحيين الذين تأثروا بالثقافة اليونانية". (٢)

وقد قال العالم كولمن بخصوص هذا اللقب: "إن الحواريين الذين تحدث عنهم أعمال الرسل تأسوا بمعلمهم الذي تحفظ على استخدام هذا اللقب ولم يرغب به، فاستنوا بسنته".

ويرى جنيبر أن المفهوم الخاطئ وصل إلى الإنجيل عبر الفهم غير الدقيق من المتنصرين الوثنيين فيقول؛ "مفهوم" ابن الله "نبع من عالم الفكر اليوناني".


(١) وانظر: في هذا كتاب أقانيم النصارى الثلاثة لأحمد حجازي السقا من ٥٥ - ٧٤.
(٢) انظر: المسيحية، نشأتها وتطورها صـ (٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>