للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسيحي الأصل، وعبد الله بن سلام اليهودي الوحيد الذي أسلم في المدينة مع كعب الأحبار، وهل كان حديث هذه الحاشية الكريمة سوى التوراة والإنجيل؟

إن ذلك حجة قاطعة على أن بيئة النبي والقرآن كانت كتابية من كل نواحيها، وأن ثقافة محمد والقرآن كتابية في كل مظاهرها، وذلك بمعزل عن الوحي والتنزيل) (١).

[الرد على الشبهة]

الوجه الأول: إن هذه الحاشية المسيحية واليهودية - كما يزعمون - التي قد أسلمت؛ لدليل واضح على أن الديانات قبل الإسلام حُرِّفت، فلذا لم يسعْ هؤلاء بعد أن عرفوا الحق إلا أن يتركوا ما هم عليه من الباطل ويتبعوا هذا النبي.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لزيد بن عمرو: ما لي أرى قومك قد شنفوا لك، فقال: أما والله، إن ذلك لبغير نائرة كانت مني إليهم ولكني أراهم على ضلالة، فخرجت أبتغي هذا الدين حتى قدمت على أحبار يثرب، فوجدتهم يعبدون الله، ويشركون به، فقلت: ما هذا بالدين الذي أبتغي، فخرجت حتى أقدمت على أحبار خيبر فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به، فقلت: ما هذا بالدين الذي أبتغي، فخرجت حتى قدمت على أحبار فدك فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به، فقلت: ما هذا بالدين الذي أبتغي، خرجت حتى أقدمت على أحبار أيلة فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به، فقلت: ما هذا بالدين الذي أبتغي، فقال لي حبر من أحبار الشام: أتسل عن دين ما تعلم أحدًا يعبد الله به إلا شيخًا بالجزيرة، فخرجت فقدمت عليه فأخبرته بالذي خرجت له، فقال: إن كل من رأيت في ضلال؛ إنك تسأل عن دين هو دين الله ودين ملائكته، وقد خرج في أرضك نبي أو هو خارج يدعو إليه، ارجع فصدقه واتبعه وآمن بما جاء به. (٢)

الوجه الثاني: نفى (نِلسُن) أن تكون اليهودية أو المسيحية قد أثَّرتا في وجود التوحيد عند العرب، ففي رأيه أن اليهود كان إلههم الخاص بهم ولم يكن إلهًا عالميًا، كما أن المسيحية التي ظلت حتى عصر


(١) القرآن والمبشرون (ص: ٩٤ - ٩٥).
(٢) حديث صحيح سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>