للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا لم يصح حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أن صفة ملائكة العرش كصفة الأوعال. فلا عبرة بما قيل بعد ذلك.

قال أبو حيان: وذكروا في صفات هؤلاء الثمانية أشكالًا متكاذبة ضربنا عن ذكرها صفحًا. (١)

[الوجه الثاني: تحقيق القول في العرش وحملته.]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: للناس في أن الله فوق العرش والعالم قولان مشهوران لعامة الطوائف من المتكلمين، وأهل الحديث، والصوفية، والفقهاء من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم:

أحدهما: أنَّه مجرد نسبة وإضافة بين المخلوقات والخالق، وبين العرش والرب، تجددت بخلقه للعرش من غير أن يكون هو في نفسه تحرك أو تصرف بنفسه شيئًا.

وهذا قول من يقول: يمتنع حلول الحوادث بذاته وتمتنع الحركة عليه.

والقول الثاني: هو المشهور عن السلف، وأئمة الحديث، وكثير من أهل الكلام والفقهاء والصوفية من الطوائف الأربعة وغيرهم، أنه استوى عليه بعد خلق السماوات والأرض كما دل عليه القرآن، فيكون قد استوى عليه بعد أن لم يكن مستويًا عليه، وكذلك استواؤه إلى السماء ومجيؤه وإتيانه كما وردت بذلك النصوص المتواترة الصحيحة، وعلى هذا التقدير فليس في ذلك انقلاب لذاته، بل قد ذكر أنه ليس في الأدلة العقلية ما يحيل ذلك.

[وللناس في حملة العرش قولان]

أحدهما: أنَّ حملة العرش يحملون العرش ولا يحملون من فوقه.

والثاني: أنَّهم يحملون العرش ومن فوقه كما تقدم حكاية القولين.

فيذكر ما يقوله الفريقان في جواب هذه الحجة فإنهم ينازعونه في المقدمتين جميعًا.


(١) البحر المحيط (٨/ ٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>