للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِسْلَام، وَأَمَّا مَا عَدَاهُ مِنْ الْفُرُوع فَاخْتُلِفَ فِيهِ (١).

قلت: فكيف تؤمر الروح بأن تنحني أو تركع أو تسجد وتقرأ القرآن.

لذلك فإن إبليس أمر بالسجود ولا يؤمر بذلك إلا من كان له هيئة يستطيع السجود بها: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} (الكهف: ٥٠) ففي تفسير الجلالين: سجودَ انحناءٍ لا وضع جبهة تحية له (٢).

[٢ - التناكح]

وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُمْ يَتَنَاكَحُونَ بِقَوْلِهِ تعالى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٥٦)}.

وَبِقَوْلِهِ تعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي} وَالدَّلَالَة مِنْ ذَلِكَ ظَاهِرَة. وَاعْتَلَّ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّه تعالى أَخْبَرَ أَنَّ الْجَانّ خُلِقَ مِنْ نَارٍ، وَفِي النَّار مِنْ اليبُوسَة وَالْخِفَّة مَا يَمْنَع مَعَهُ التَّوَالُد. وَالوجه أَنَّ أَصْلهمْ مِنْ النَّار كَمَا أَنَّ أَصْل الْآدَمِيّ مِنْ التُّرَاب، وَكَمَا أَنَّ الْآدَمِيّ لَيْسَ طِينًا حَقِيقَة كَذَلِكَ الْجِنِّيّ لَيْسَ نَارًا حَقِيقَة، وَقَدْ وَقَعَ فِي الصَّحِيح فِي قِصَّة تَعَرُّض الشَّيْطَان لِلنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "فَأَخَذْته فَخَنَقْته حَتَّى وَجَدْت بَرْد رِيقه عَلَى يَدَيَّ". قُلْت: وَبِهَذَا الوجه يَنْدَفِع إِيرَاد مَنْ اسْتَشْكَلَ قَوْله تعالى: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} فَقَالَ: كَيْفَ تُحْرِق النَّارُ النَّارَ (٣)؟

[٣ - الجن يسمع ويتكلم]

فالروح لابد لها من جسد لتُؤثِّر فيه بالأفعال والأعمال.

يقول تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩) قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠)} (الأحقاف: ٢٩، ٣٠).


(١) فتح الباري ١٠/ ٧٩؛ قَوْلُهُ: (بَابُ ذِكْر الْجِنّ وَثَوَابهمْ وَعِقَابهمْ).
(٢) تفسير الجلالين ٣٩٤ (الكهف: ٥٠).
(٣) فتح الباري ١٠/ ٧٩ (باب ذكر الجن وثوابهم وعقابهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>