حيث قال الله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٠١)}، فهي لا تكاد تحكي قولتهم المتهورة في اتهام النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى تلحقها بما يثبت خطأها وبطلانها، وذلك قوله - عز وجل - فيه {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُون}، وكأن هذين الأسلوبين في الرد عليهم لا يكفيان؛ فإن الآية التالية تأتي بالجواب القاطع قال تعالى:{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}[النحل: ١٠٢].
قال د/ مصطفى زيد: ولا نمضي مع الردود الأخرى التي تضمنها سياق الآيات من بعد، فإن علينا قبل هذا أن نعود إلى السياق لنرى ماذا كان قبل الآية: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} [النحل: ٩٨ - ١٠٠].
وكون المتحدث عنه في أولها هو القرآن، ووجوب الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عند قراءته واضح وضوحًا شديدًا، فليس في حاجة إلى أن ننبه عليه، وإنما نرى أن ننبه على ما عالجته بعد ذلك، من نفي سلطان الشيطان على المؤمنين المتوكلين على ربهم، وهو نكرة وقع في سياق النفي فيعم، ومن حصر لهذا السلطان الذين يتخذونه وليًا، فيطيعونه