للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضًا: وأما أن يكون الخلق جزءا من الخالق تعالى، فهو كفر صريح يقوله أعداء الله النصارى ومن غلا من الرافضة، وجهال المتصوفة، ومن اعتقده فهو كافر، نعم للمؤمنين العارفين بالله المحبين له من مقامات القرب ومنازل اليقين ما لا تكاد تحيط به العبارة، ولا يعرفه حق المعرفة إلا من أدركه وناله، والرب رب، والعبد عبد، ليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيء من ذاته، وليس أحد من أهل المعرفة بالله يعتقد حلول الرب تعالى به، أو بغيره من المخلوقات واتحاده به. (١)

الوجه السادس: قد يطلق الاتحاد ويُراد به معنًى آخر.

قال ابن تيمية فينبغي أن يعرف هذا النوع من الكلام، فإنه تنحل به إشكالات كثيرة، فإن هذا موجود في كلام الله ورسله، وكلام المخلوقين في عامة الطوائف مع ظهور المعنى، ومعرفة المتكلم والمخاطب أنه ليس المراد أن ذات أحدهما اتحدت بذات الآخر، بل أبلغ من ذلك يطلق لفظ الحلول والاتحاد ويراد به معنى صحيح كما يقال: فلان وفلان بينهما اتحاد إذا كانا متفقين فيما يحبان ويبغضان، ويواليان ويعاديان، فلما اتحد مرادهما ومقصودهما صار يقال: هما متحدان وبينهما اتحاد، ولا يعني بذلك أن ذات هذا اتحدت بذات الآخر كاتحاد النار والحديد، والماء واللبن، أو النفس والبدن، وأيضًا فلفظ الحلول يراد به حلول ذات الشيء تارة وحلول معرفته ومحبته ومثاله العلمي تارة. (٢)

* * *


(١) مجموع الفتاوى ١١/ ٧٤.
(٢) الجواب الصحيح ٣/ ٣٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>