للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: ثم أيد ورقة بن نوفل تصديقه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإيمانه به بما هو شاهد على ما استقر في قلبه، واطمأنت إليه نفسه، وذلك من وجهين:

الوجه الأول: أنه وجه الخطاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله له: ياليتني فيها جذعًا.

قال الزمخشري: أراد ليتني في نبوّته شابًا أقوى على نصرته، أو ليتني أدركتها في عصر الشبيبة، حتى كنت على الإسلام لا على النصرانية. (١)

الوجه الثاني: أن قوله له: ليتني أكون حيًا إذ يخرجك قومك، ومعناه أنه تمنى لنفسه طول العمر، بعد تمنيه لها الشباب وقوته لا ليحقق لنفسه بذلك مصالح ذاتية، ولا ليتمتع بطول العمر وملذّات الحياة كما هي تمنيات الناس؛ بل ليسخر حياته وشبابه وقوته لنصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونشر الحق الذي جاء به من عند الله، وشد أزره، وتأييد دينه، وقمع أعدائه، ومنعهم من الوصول إليه بأي أذى حتى يتفرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنشر دعوته وتبليغ رسالته - دليل ظاهر على إيمانه برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واتباعه له، وامتلاء قلبه بحبه، وعقله بالعمل على نصره، ومنع الأذى عنه بأظهر الوسائل، وأقواها أثرًا (٢).

لقد اعتنق ورقة الإسلام وتوفي بعد بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعام، وله الكثير من الأشعار يمتدح فيه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.

[المطلب الثالث: تعليم ورقة لمحمد - صلى الله عليه وسلم -.]

نص الشبهة:

ورقة كان له باع في تعليم محمد للتوراة والإنجيل لتكوين القرآن معًا.

[الوجه الأول]

الروايات الصحيحة لم تذكر أن ورقة ألقى إلى الرسول عظة أو درسًا في العقائد أو التشريع، ولا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يتردد عليه:


(١) الفائق في غريب الحديث والأثر (١/ ٦٤).
(٢) المصدر السابق (١٠٦: ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>