الحكمة أن تختفي المثيرات الجنسية والمفاتن الغريزية عن أبصار الرائين والناظرين إليها من الرجال، فلا يستثيرهم منها شيء إلى أي تحرش أو إيذاء، ولا يبصروا من الفتاة أو المرأة إلا شريكة معهم في الخدمات الإنسانية، وبذل الجهود الاجتماعية المتنوعة، ما دام المجال الذي يتم فيه التلاقي بينهما مجالًا اجتماعيًا يتداعى فيه الجميع إلى التعاون في بناء المجتمع وإقامة دعائمه الحضارية.
أي أن الحكمة من الحجاب ليست إعانة المرأة بواسطته على الانضباط بالأخلاق الفاضلة، ولكن الحكمة منه إعانة الرجال الناظرين إليها على هذا الانضباط ذاته، وعلى أن ينظروا إليها ويتعاونوا معها إنسانةٌ مثلهم ذات مقومات علمية وثقافية وقدرات اجتماعية، لا على أنها كتلة من المهيجات الغريزية.
الوجه الثالث: ليس عيبًا في الحجاب حينما تتستر واحدة فيه لفعل الفواحش.
نفترض أن في النساء اللائى يمارسن السلوكيات الشائنة، من قد تستر وراء مظهر الحشمة أو الحجاب، ولكن فهل هذا يستوجب -بحكم المنطق- ازدراء الحشمة ومقاومة الحجاب الشرعي؟ !
إن كان الأمر كذلك، فمظاهر السفور والإغراء أولى إذًا بالمقاومة والازدراء، لأن المنحرفات اللائى يجنحن في انحرافهن إلى عرض زينتهن ومفاتنهن، أضعاف المنحرفات اللائى يتسترن في بعض الأحيان بمظهر الحشمة والتستر.
ومع ذلك، فالعجيب أن الحشمة وحدها هي التي توضع من قبل هؤلاء الناس في قفص الاتهام، وتبقى المثيرات والمهيجات التي تعلن عن نفسها، مبرأة عن أي تسبب لتهييج الرجال وإضعاف الوازع الخلقي في نفوسهم، فضلًا عن أن يشار إليها بأي من أصابع الاتهام! ! . (١)
(١) المرأة بين طغيان النظام الغربي، ولطائف التشريع الرباني ١٦٠ - ١٦٢.