للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ: ابْنَ أُخْتِي إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ، ثُمَّ الْهِلَالِ، ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - نَارٌ فَقُلْتُ: يَا خَالَةُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالَتْ: الْأَسْوَدَانِ؛ التَّمْرُ وَالمَاءُ (١).

[الوجه الثاني: زهد النبي - صلى الله عليه وسلم - هو أعظم دليل على بطلان حمق هذه الشبهة.]

ثم إن هذه الشبهة تتناقض مع الزهد الذي عُرِفَ به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحث عليه أصحابَه - رضي الله عنهم - ففي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - (قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: : اللهمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا. (٢)

وعن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا يَسُرُّني أَنْ يَمُرَّ عَلَيَّ ثَلَاثٌ وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ إلا إِلَّا شَيْءٌ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ". (٣)

ولم يكن - صلى الله عليه وسلم - زاهدًا في نفسه وفقط بل كان يُعلِّم أصحابه الزهد ويربيهم عليه.

كان - صلى الله عليه وسلم - يحث أصحابه - رضي الله عنهم - على الزهد فقد صح عنه أنه قال: "إِنَّ مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا". (٤)

وقرن في التحذير بين فتنة الدنيا وفتنة النساء، فقال: "إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ الله مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ؛ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ؛ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ". (٥)

وكان يأمر أصحابه بالتعفف والتصبر والاستغناء عما في أيدي غيرهم -أو عما ليس في أيديهم- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ نَاسًا مِنْ الْأَنْصَارِ سَألوا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَألوهُ فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَألوهُ فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: "مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَغفِفْ يُعِفَّهُ الله، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ الله،


(١) البخاري (٦٤٥٩).
(٢) البخاري (٦٤٦٠)، ومسلم (١٠٥٥) واللفظ له، والقوت: ما يسد الرمق.
(٣) البخاري (٢٣٨٩، ٧٢٢٨)، مسلم (٩٩١).
(٤) البخاري (١٤٦٥)، مسلم (١٠٥٢) واللفظ له.
(٥) مسلم (٢٧٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>