للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير: والمراد بالمكر هاهنا دعاؤهم إلى الضلالة بزخرفٍ من المقال والفعال، كما قال تعالى إخبارًا عن قوم نوح: {وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (٢٢)} [نوح: ٢٢]. (١)

الموضع الثاني: قال تعالى: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (١٢٤)} [الأنعام: ١٢٤].

قال الطبري: تأويل قوله تعالى: {سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ} يقول تعالى ذكره لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - مُعْلِمُه ما هو صاح بهؤلاء المتمردين عليه: سيصيب يا محمد الذي اكتسبوا الإثم بشركهم بالله وعبادتهم غيره صَغار يعني ذلة وهوان. (٢)

وقال ابن كثير: وقوله تعالى: {وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ}؛ لما كان المكر غالبًا إنما يكون خفيًا، وهو التلطف في التحيل والخديعة قوبلوا بالعذاب الشديد من الله يوم القيامة جزاء وفاقًا، ولا يظلم ربك أحدا كما قال تعالى: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩)} [الطارق: ٩].

أي تظهر المستترات والمكنونات والضمائر. وجاء في الصحيحين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يُنصب لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة، فيقال: هذه غدرة فلان بن فلان"؛ والحكمة في هذا أنه لما كان الغدر خفيًا لا يطلع عليه الناس، فيوم القيامة يصير علما منشورا على صاحبه بما فعل. (٣)

الموضع الثالث: قال تعالى: {قَال فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (١٢٣)} [الأعراف: ١٢٣].


(١) تفسير ابن كثير ٢/ ١٧٣.
(٢) تفسير الطبري ٨/ ٢٥.
(٣) تفسير ابن كثير ٢/ ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>