صافيًا من الدين السماوي، ولا نظامًا ثابتًا من الحكم البشري. (١)
[المطلب الثاني: المحاور التي يتم على أساسها تقييم أي حضارة سابقة أو لاحقة]
وسنحاول أن نستعرض واقع العالم المعروف في هذا الوقت، سواء كان محليًّا -في الجزيرة العربية- أو عالميًّا، في العالم المتحضر المعروف آنذاك. ونحن نتكلم عن العصر بعد حوالي ستمائة سنة من مولد السيد المسيح عليه السلام. كيف كان واقع العالم في ذلك الوقت؟ وكيف تغير ذلك الواقع؟ وهل يمكن للتاريخ أن يعيد نفسه؟ وهل هناك وجه تشابه بين الواقع الحالي وهذا الواقع قبل ألف وأربعمائة سنة؟
هذه أسئلة نعتقد أن الإجابة عليها سوف تعني الكثير للبشرية الحائرة التي تتخبط بين ماديات عصرية طاغية، وأحلام إنسانية لحياة أفضل، حياة مثالية تحمل الخير والعدل والرحمة للناس أجمعين.
وفي الواقع ما أشبه اليوم بالأمس، فعندما نستعرض ما كان عليه الحال قبل ألف وأربعمائة سنة قبل الرسالة؛ ستجد كثيرًا من التشابه مع ما تعيشه الإنسانية الآن سواء محليًّا حيث مهد الرسالة، أو عالميًّا من خلال العالم الذي يدعي التحضر اليوم. وسنقوم باستعراض سريع لواقع العالم في ذلك الزمان وفي تلك الأماكن التي كانت معروفة في ذلك الوقت، وسنعرض لمحة سريعة على التغيير الذي حدث في تلك العوالم؛ أي التأثير الذي أحدثه محمد - صلى الله عليه وسلم - في زمانه ومكانه والأزمنة التي تلته والأماكن الأخرى من العالم وذلك من خلال محورين رئيسيين هما:
١ - الوضع السياسي.
٢ - الوضع الأخلاقي الديني والاجتماعي.
ونرى أن هذه المحاور هي أسس تقييم أي حضارة سابقة أو لاحقة.
المحور الأول: الوضع السياسي.
كان العصر الجاهلي مسرحًا للحكم المستبد، فقد كانت السياسة في هذا العصر ملكية